الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 411 ] قوله ( وإن قالت " اخلعني بألف ، أو على ألف " أو " طلقني بألف ، أو على ألف " ) . وكذا لو قالت " ولك ألف إن طلقتني ، أو خالعتني " أو " إن طلقتني فلك علي ألف " ففعل : بانت . هذا المذهب مطلقا . وعليه جماهير الأصحاب . وقيل : يشترط من الزوج أيضا ذكر العوض ويستحق الألف . يعني : من غالب نقد البلد .

فوائد :

الأولى : يشترط في ذلك أن يجيبها على الفور . على الصحيح من المذهب . وهو ظاهر كلام المصنف . لقوله " ففعل " وقدمه في الفروع . وقيده بالمجلس في المحرر ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . وقدمه في الرعاية الكبرى ، فقال : بانت ، إن كان في المجلس . وإلا لم يقع شيء . وقيل : لمن قالت " اخلعني بألف " فقال في المجلس " طلقتك " طلقت مجانا . انتهى .

وقيده بالمجلس أيضا في الترغيب . في قولها " إن طلقتني فلك ألف " فقال " خالعتك " أو " طلقتك " انتهى .

وقيل : لا تشترط الفورية . بل يكون على التراخي . وجزم به في المنتخب . الثانية : لها أن ترجع قبل أن يجيبها . قاله في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي ، وغيرهم . وقدمه في الفروع . وقيل : يثبت خيار المجلس . فيمتنع من قبض العوض ليقع رجعيا . وقال في الترغيب : في " خلعتك " أو " اخلعني " ونحوهما ، على كذا : يعتبر [ ص: 412 ] القبول في المجلس ، إن قلنا : الخلع فسخ بعوض . وإن قلنا : هو فسخ منه مجرد : فكالإبراء والإسقاط ، لا يعتبر فيه قبول ولا عوض . فتبين بقوله " فسخت " أو " خلعت " الثالثة : لا يصح تعليقه بقوله " إن بذلت لي كذا فقد خلعتك " قاله في الفروع . وقال في " باب الشروط في البيع " ويصح تعليق الفسخ بشرط . ذكره في التعليق ، والمبهج . وذكر أبو الخطاب ، والشيخ : لا . قال في الرعاية فيما إذا أجره كل شهر بدرهم : إذا مضى شهر فقد فسخها أنه يصح كتعليق الخلع وهو فسخ . على الأصح . انتهى .

قال ابن نصر الله في حواشيه : عدم الصحة أظهر ; لأن الخلع عقد معاوضة يتوقف على رضى المتعاقدين . فلا يصح تعليقه بشرط كالبيع . انتهى .

قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : وقولها " إن طلقتني فلك كذا ، أو أنت بريء منه " ك " إن طلقتني فلك علي ألف " وأولى . وليس فيه النزاع في تعليق البراءة بشرط . أما لو التزم دينا ، لا على وجه المعاوضة : ك " إن تزوجت فلك في ذمتي ألف " أو " جعلت لك في ذمتي ألفا " لم يلزمه عند الجمهور .

قال القاضي محب الدين بن نصر الله ، في حواشي الفروع : وقوله " لا يصح تعليقه بقوله : إن بذلت لي كذا " قد ذكر المصنف في القسم الثاني من الشروط في البيع ما نصه : ويصح تعليق الفسخ بشرط . ذكره في التعليق ، والمبهج . وذكر أبو الخطاب والشيخ تقي الدين رحمه الله : لا يصح . قال صاحب الرعاية فيما إذا أجره كل شهر بدرهم ، إذا مضى شهر فقد فسخها : أنه يصح ، كتعليق الخلع . وهو فسخ على الأصح . انتهى .

[ ص: 413 ] فأقر صاحب الرعاية هناك ، ولم يتعقبه . وجزم هنا بعدم الصحة . وهو الأظهر . كما قاله ابن نصر الله ، وعلله بأن الخلع عقد معاوضة ، يتوقف على رضى المتعاوضين . فلم يصح تعليقه بشرط كالبيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية