الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وأما المبتوتة : فلا تجب عليها العدة في منزله ، وتعتد حيث شاءت ) . وهذا المذهب . نص عليه . وعليه الأصحاب . وعنه : أنها كالمتوفى عنها زوجها .

تنبيه :

قوله " وتعتد حيث شاءت " يعني في بلدها ، على الصحيح من المذهب ، والروايتين . والصحيح من المذهب : أنها لا تبيت خارجا عن منزلها . وعنه : يجوز ذلك .

فوائد

الأولى : إذا أراد زوج البائن إسكانها في منزله أو غيره ، مما يصلح لها تحصينا لفراشه ، ولا محذور فيه : لزمها ذلك . ذكره القاضي ، وغيره . ولو لم يلزمه نفقتها كالمعتدة بشبهة ، أو نكاح فاسد ، أو مستبرأة لعتق . وهذا المذهب . جزم به في المحرر ، والحاوي ، والوجيز ، والزركشي ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم . وقدمه في الفروع . قال في الفروع : وظاهر كلام جماعة : لا يلزمها ذلك . قلت : وهو ظاهر كلام المصنف هنا . وقدمه في الرعايتين . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : لمن أراد ذلك وأنفق عليها . فله ذلك ، وإلا فلا . [ ص: 313 ] وسوى المصنف في العمدة بين من يمكن زوجها إمساكها والرجعية في نفقة وسكنى .

والثانية : لو كانت دار المطلق متسعة لهما ، وأمكنها السكنى في موضع منفرد كالحجرة ، وعلو الدار وبينهما باب مغلق : جاز . وسكن الزوج في الباقي كما لو كانا حجرتين متجاورتين . وإن لم يكن بينهما باب مغلق ، لكن لها موضع تستتر فيه بحيث لا يراها ، ومعها محرم تتحفظ به : جاز أيضا . وتركه أولى .

الثالث : لو غاب من لزمته السكنى لها ، أو منعها من السكنى : اكتراه الحاكم من ماله ، أو اقترض عليه ، أو فرض أجرته . وإن اكترته بإذنه ، أو إذن حاكم ، أو بدونها للعجز عن إذنه : رجعت . ومع القدرة على إذنه : فيه الخلاف السابق في أوائل باب الضمان . ولو سكنت في ملكها : فلها أجرته . ولو سكنته أو اكترت مع حضوره وسكوته : فلا أجرة لها .

الرابعة : حكم الرجعية في العدة : حكم المتوفى عنها زوجها . على الصحيح من المذهب . نص عليه في رواية أبي داود . وجزم به ابن عبدوس في تذكرته ، وغيره . وقاله القاضي في خلافه . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والقواعد الفقهية ، والفروع ، وغيرهم . وقيل : بل كالزوجة يجوز لها الخروج والتحول بإذن الزوج مطلقا .

الخامسة : ليس له الخلوة بامرأته البائن إلا مع زوجته أو أمته أو محرم أحدهما . قدمه في الفروع ، والرعاية الكبرى . وقيل : يجوز مع أجنبية فأكثر . [ ص: 314 ] قال في الترغيب : وأصله النسوة المنفردات : هل لهن السفر مع أمن بلا محرم ؟ قال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير : وهل يجوز دخوله على البائن منه مع أجنبية ثقة ؟ فيه وجهان . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ويحرم سفره بأخت زوجته ولو معها . وقال في ميت عن امرأة ، شهد قوم بطلاقه ثلاثا مع علمهم عادة بخلوته بها : لا يقبل . لأن إقرارهم يقدح فيهم . ونقل ابن هانئ : يخلو إذا لم تشتهى ، ولا يخلو أجانب بأجنبية . قال في الفروع : ويتوجه وجه ، لقصة أبي بكر رضي الله عنه مع زوجته أسماء بنت عميس رضي الله عنها لما رأى جماعة من بني هاشم عندها . رواه مسلم ، والإمام أحمد رحمهما الله . وقال القاضي : من عرف بالفسق : منع من الخلوة بالأجنبية . قال في الفروع : كذا قال . والأشهر : تحرم مطلقا . وذكره جماعة إجماعا . قال ابن عقيل : ولو لإزالة شبهة ارتدت بها ، أو لتداو . وفي آداب عيون المسائل : { لا يخلون رجل بامرأة ليست له بمحرم إلا كان الشيطان ثالثهما . ولو كانت عجوزا شوهاء } . وقال في المغني لمن احتج بأن العبد محرم لمولاته بدليل نظره لا يلزم منه المحرمية ، بدليل القواعد من النساء ، وغير أولي الإربة . وفي المغني أيضا : لا يجوز إعارة أمة جميلة لرجل غير محرم ، إن كان يخلو بها ، أو ينظر إليها . لأنه لا يؤمن عليها . وكذا في الشرح إلا أنه اقتصر على عبارة المقنع بالكراهة . قال في الفروع : فحصل من النظر ما ترى . وقال الشارح ، كما هو ظاهر المغني : فإن كانت شوهاء أو كبيرة : فلا بأس لأنها لا يشتهى مثلها . وهذا إنما يكون مع الخلوة أو النظر كما ترى . [ ص: 315 ] قال في الفروع : وهذا في الخلوة غريب . وفي آداب صاحب النظم : تكره الخلوة بالعجوز . قال في الفروع : كذا قال . وهو غريب ولم يعزه . قال : وإطلاق كلام الأصحاب في تحريم الخلوة ، والمراد به : من لعورته حكم . فأما من لا عورة له ، كدون سبع : فلا تحريم . وسبق ذلك في الجنائز في تغسيل الأجنبي لأجنبية وعكسه . وتقدم في كتاب النكاح " هل يجوز النظر إلى هؤلاء ، أو إلى الأجنبية ، أم لا ؟ " .

السادسة : يجوز إرداف محرم . قال في الفروع : ويتوجه في غيرها مع الأمن ، وعدم سوء الظن : خلاف . بناء على أن إرادته عليه الصلاة والسلام إرداف أسماء رضي الله عنها مختص به . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية