الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( والحكومة : أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به ثم يقوم وهي به قد برأت ، فما نقص من القيمة فله مثله من الدية . فإن كان قيمته وهو صحيح عشرين ، وقيمته وبه الجناية : تسعة عشر ، ففيه نصف عشر ديته ) . بلا نزاع في الجملة . وقوله ( إلا أن تكون الحكومة في شيء فيه مقدر ، فلا يبلغ به أرش المقدر . فإن كانت في الشجاج التي دون الموضحة : لم يبلغ بها أرش الموضحة . وإن كان في إصبع : لم يبلغ بها دية الإصبع . وإن كانت في أنملة لم يبلغ بها ديتها ) . هذا المذهب المشهور ، والصحيح من الروايتين . وقال في الفروع : ولا يبلغ بحكومة محل له مقدر مقدره ، على الأصح كمجاوزته ، وجزم به في الوجيز ، وقدمه في المغني ، والشرح ، وغيرهما ، وصححه في النظم ، واختاره الشريف ، وابن عقيل . قال القاضي في الجامع : هذا المذهب . وعنه : يبلغ به أرش المقدر .

[ ص: 117 ] وقال الزركشي : هو ظاهر كلام الخرقي . وإليه ميل أبي محمد ، وجزم به في المنور ، ومنتخب الأدمي . وحكاهما في المحرر ، وغيره : وجهين . وأطلقهما في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . قال الشارح : ويحتمل كلام الخرقي : أن يخصص امتناع الزيادة بالرأس والوجه ، لقوله " إلا أن تكون الجناية في وجه أو رأس فلا يجاوز به أرش المؤقت " قوله ( فإن كانت مما لا تنقص شيئا بعد الاندمال : قومت حال جريان الدم ) . هذا المذهب ، جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب والخلاصة ، والهادي ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم . وقيل : يقوم قبيل الاندمال التام . وأطلقهما الزركشي .

تنبيه : أفادنا المصنف بقوله " قومت حال جريان الدم " أن ذلك لا يكون هدرا . وأن عليه حكومة . وهو صحيح .

وهو المذهب ، نص عليه . وعليه أكثر الأصحاب ، القاضي وغيره ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع ، وغيرهم . وعنه : لا شيء فيها والحالة هذه ، اختاره المصنف . وأطلقهما الزركشي . قوله ( فإن لم تنقصه شيئا بحال ، أو زادته حسنا كإزالة لحية امرأة ، أو إصبع زائدة ونحوه فلا شيء فيها ) . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . [ ص: 118 ] قال في المحرر : فلا شيء فيها على الأصح . قال في الفروع : فلا شيء فيها في الأصح . وكذا قال الناظم ، وصححه في المغني ، والشرح ، وغيرهما . وقيل : بلى . قال القاضي : نص الإمام أحمد رحمه الله على هذا . قال المصنف : فعلى هذا يقوم في أقرب الأحوال إلى البرء . فإن لم ينقص في ذلك الحال قوم حال جريان الدم ; لأنه لا بد من نقص للخوف عليه . ذكره القاضي وتقوم لحية المرأة كأنها لحية رجل في حال ينقصه ذهاب لحيته . ذكره أبو الخطاب ، وجزم بهذا القول في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة .

التالي السابق


الخدمات العلمية