الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( إلا أن يرتاب بهما ، فيفرقهما . ويسأل كل واحد " كيف تحملت الشهادة ؟ ومتى ؟ وفي أي موضع ؟ وهل كنت وحدك ، أو أنت وصاحبك ؟ " فإن اختلفا : لم يقبلهما . وإن اتفقا . وعظهما ، وخوفهما . فإن ثبتا : حكم بهما إذا سأله المدعي ) . يلزم الحاكم سؤال الشهود ، والبحث عن صفة تحملهما ، وغيره ، إذا ارتاب فيهما . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . وظاهر كلام القاضي في الخلاف : وجوب التوقف حتى يتبين وجه الطعن . وقال في الترغيب : لو ادعى جرح البينة ، فليس له تحليف المدعي في الأصح . وقال في الرعاية : إن اختلفا توقف فيهما . وقيل : تسقط شهادتهما . قوله ( وإن جرحهما المشهود عليه : كلف ) إقامة ( البينة بالجرح فإن سأل الإنظار : أنظر ثلاثا ) . على الصحيح من المذهب . قال في الرعايتين : يمهل الجارح ثلاثة أيام في الأصح إن طلبه . وجزم به كثير من الأصحاب . وقيل : لا يمهل . قوله ( ولا يسمع الجرح إلا مفسرا بما يقدح في العدالة . إما أن يراه ، أو يستفيض عنه ) . [ ص: 288 ] فلا يكفي مطلق الجرح . وهذا المذهب . قاله في الفروع ، والزركشي ، وغيرهما . وجزم به في الوجيز ، وغيره وقدمه في المحرر ، وغيره . وقيل : يقبل الجرح من غير تبيين سببه . وعنه ( يكفي أن يشهد : أنه فاسق وليس بعدل ) كالتعديل في أصح الوجهين فيه . وقيل : إن اتحد مذهب الجارح والحاكم ، أو عرف الجارح أسباب الجرح : قبل إجماله ، وإلا فلا . قال الزركشي : وهو حسن وقيل : يكفي قوله " والله أعلم به " ونحوه . ذكرهما في الرعاية .

تنبيه :

قوله ( أو يستفيض عنه ) . اعلم أن له أن يشهد بجرحه بما يقدح في العدالة بالاستفاضة عنه ذلك . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : ليس له ذلك كالتزكية . في أصح الوجهين فيها . وفي التزكية وجه . اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال : المسلمون يشهدون في مثل عمر بن عبد العزيز ، والحسن البصري رضي الله تعالى عنهما بما لا يعلمونه إلا بالاستفاضة . وقال : لا نعلم في الجرح بالاستفاضة نزاعا بين الناس . [ ص: 289 ] وقال في الترغيب : لا يجوز الجرح بالتسامع . نعم ، لو زكى جاز التوقف بتسامع الفسق . فائدتان

إحداهما : قال في المحرر : الجرح المبين : أن يذكر ما يقدح في العدالة عن رؤية ، أو استفاضة والمطلق : أن يقول " هو فاسق " أو " ليس بعدل " . قال الزركشي : هذا هو المشهور . وقال القاضي في خلافه : هذا هو المبين . والمطلق أن يقول " الله أعلم " ونحوه .

الثانية : يعرض الجارح بالزنا . فإن صرح ، ولم يأت بتمام أربعة شهود : حد . خلافا للشافعي رحمه الله .

تنبيه :

قوله ( وإن جهل : طالب المدعي بتزكيته ) . بناء على اعتبار العدالة ظاهرا وباطنا . وهو المذهب . كما تقدم .

فائدة :

التزكية حق للشرع . يطلبها الحاكم ، وإن سكت عنها الخصم . هذا الصحيح من المذهب . وقيل : بل هي حق للخصم . فلو أقر بها حكم عليه بدونها . وعلى الأول : لا بد منها . ويأتي بأعم من هذا قريبا . قوله ( ويكفي في التزكية شاهدان . يشهدان : أنه عدل رضى ) . قوله " يشهدان أنه عدل رضى " يشترط في قبول المزكيين : معرفة الحاكم خبرتهما الباطنة بصحبة ومعاملة ، ونحوهما . على الصحيح من المذهب . [ ص: 290 ] قطع به في الرعاية الكبرى . وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : يقبلان مع جهل الحاكم خبرتهما الباطنة . وقال في الرعاية ، وغيرها : ولا يتهم بعصبية أو غيرها . قوله " يشهدان أنه عدل رضى " . وكذا لو شهدا " أنه عدل مقبول الشهادة " بلا نزاع . ويكفي قولهما " عدل " على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع .

قال الزركشي : ظاهر كلام أبي محمد الجوزي ، وظاهر كلام أبي البركات : المنع . وقال في الترغيب : هل يكفي قولهما " عدل " فيه وجهان . وأطلقهما في الرعاية . فوائد

الأولى : لا يكفي قولهما " لا نعلم إلا خيرا " .

الثانية : قال جماعة من الأصحاب : لا يلزم المزكي الحضور للتزكية . وجزم به في الرعاية ، وغيره وقال في الفروع : ويتوجه وجه . الثالثة : لا تجوز التزكية إلا لمن له خبرة باطنة . قطع به الأصحاب . وزاد في الترغيب : ومعرفة الجرح والتعديل الرابعة : هل تعديل الشهود عليه وحده تعديل في حقه ، وتصديق الشهود عليه تعديل ؟ وهل تصح التزكية في واقعة واحدة ؟ فيه وجهان [ ص: 291 ] وأطلقهما في الفروع ، والرعاية . قال الإمام أحمد رحمه الله : لا يعجبني أن يعدل . إن الناس يتغيرون . وقال : قيل لشريح : قد أحدثت في قضائك ؟ فقال " إنهم أحدثوا فأحدثنا " قال في الرعاية الكبرى : وإن أقر الخصم بالعدالة . فقال : " هما عدلان فيما شهدا به علي " أو " صادقان " حكم عليه بلا تزكية . وقيل : لا . وقال : هل تصديق الشهود تعديل لهم ؟ فيه وجهان . وقال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير : والتزكية حق لله . فتطلب وإن سكت الخصم . فإن أقر بالعدالة : حكم عليه . وقيل : لا يحكم . وأطلق المصنف ، والشارح فيما إذا عدل المشهود عليه الشاهد الوجهين . وأطلق في الرعاية في صحة التزكية في واقعة واحدة الوجهين . وقال ، وقيل : إن تبعضت جاز . وإلا فلا تزكية . تنبيه :

قوله ( وإن عدله اثنان . وجرحه اثنان : فالجرح أولى ) . بلا نزاع .

وإذا قلنا : يقبل جرح واحد ، فجرحه واحد ، وزكاه اثنان : فالتزكية أولى على أصح الوجهين . قاله في الفروع . وجزم به في المحرر ، والرعايتين ، والمنور ، والزركشي ، وغيرهم . وقيل : الجرح أولى . وهو أولى . وقال الزركشي : ولو عدله ثلاثة ، وجرحه اثنان ، فوجهان . فإن بينا السبب : فالجرح أولى . وإن لم يبينا السبب : فالتعديل أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية