الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( كما ) ينقض ( لو حشا إحليله بقطنة وابتل الطرف الظاهر ) هذا لو القطنة عالية أو محاذية لرأس الإحليل [ ص: 149 ] وإن متسفلة عنه لا ينقض وكذا الحكم في الدبر والفرج الداخل ( وإن ابتل ) الطرف ( الداخل لا ) ينقض ولو سقطت ; فإن رطبه انتقض ، وإلا لا ; وكذا لو أدخل أصبعه في دبره ولم يغيبها ، فإن غيبها أو أدخلها عند الاستنجاء بطل وضوءه وصومه . [ ص: 150 ] فروع ]

يستحب للرجل أن يحتشي إن رابه الشيطان ، ويجب إن كان لا ينقطع إلا به قدر ما يصلي .

باسوري خرج دبره ، إن أدخله بيده انتقض وضوءه ، وإن دخل بنفسه لا ; وكذا لو خرج بعض الدودة فدخلت . من لذكره رأسان فالذي لا يخرج منه البول المعتاد بمنزلة الجرح .

الخنثى غير المشكل فرجه الآخر كالجرح ، والمشكل ينتقض وضوءه بكل .

التالي السابق


( قوله : إحليله ) بكسر الهمزة مجرى البول من الذكر بحر ( قوله : هذا ) أي النقض بما ذكر ، ومراده بيان المراد من الطرف الظاهر بأنه ما كان عاليا عن رأس الإحليل أو مساويا له : أي ما كان خارجا من رأسه زائدا عليه أو محاذيا لرأسه لتحقق خروج النجس بابتلاله ; بخلاف ما إذا ابتل الطرف وكان متسفلا عن رأس الإحليل أي غائبا فيه لم يحاذه ولم يعل فوقه ، فإن ابتلاله غير ناقض إذا لم يوجد خروج فهو كابتلال الطرف الآخر .

[ ص: 149 ] الذي في داخل القصبة ( قوله : والفرج الداخل ) أما لو احتشت في الفرج الخارج فابتل داخل الحشو انتقض ، سواء نفذ البلل إلى خارج الحشو أو لا للتيقن بالخروج من الفرج الداخل وهو المعتبر في الانتقاض لأن الفرج الخارج بمنزلة القلفة ، فكما ينتقض بما يخرج من قصبة الذكر إليها وإن لم يخرج منها كذلك بما يخرج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج وإن لم يخرج من الخارج ا هـ شرح المنية ( قوله : لا ينقض ) لعدم الخروج ( قوله : ولو سقطت إلخ ) أي لو خرجت القطنة من الإحليل رطبة انتقض لخروج النجاسة وإن قلت ، وإن لم تكن رطبة أي ليس بها أثر للنجاسة أصلا فلا نقض .

كما لو أقطر الدهن في إحليله فعاد ، بخلاف ما يغيب في الدبر فإن خروجه ينقض وإن لم يكن عليه رطوبة لأنه التحق بما في الأمعاء وهي محل القذر بخلاف قصبة الذكر ; وكذا لو خرج الدهن من الدبر بعدما احتقن به ينقض بلا خلاف كما يفسد الصوم كما في شرح المنية . قلت : لكن فساد الصوم بالاحتقان بالدهن لا بخروجه كما لا يخفى وإن أوهم كلامه خلافه ( قوله : ولم يغيبها ) لكن الصحيح أنه تعتبر البلة أو الرائحة ، ذكره في المنتقى لأنه ليس بداخل من كل وجه ، ولهذا لا يفسد صومه فلا ينتقض وضوءه ا هـ حلية عن شرح الجامع لقاضي خان ، فإذا وجدت البلة أو الرائحة ينقض . وفي المنية : وإن أدخل المحقنة ثم أخرجها وإن لم يكن عليها بلة لم ينقض والأحوط أن يتوضأ ا هـ .

وفي شرحها : وكذا كل شيء يدخله وطرفه خارج غير الذكر ( قوله : فإن غيبها ) قال في شرح المنية : وكل شيء غيبه ثم خرج ينقض وإن لم يكن عليه بلة لأنه التحق بما في البطن ولذا يفسد الصوم ، بخلاف ما إذا كان طرفه خارجا . ا هـ .

وفي شرح الشيخ إسماعيل عن الينابيع : وكل شيء غيبه في دبره ثم أخرجه أو خرج بنفسه ينقض الوضوء والصوم ، وكل شيء أدخل بعضه وطرفه خارج لا ينقضهما انتهى .

أقول : على هذا ينبغي أن تكون الأصبع كالمحقنة فيعتبر فيها البلة لأن طرفها يبقى خارجا لاتصالها باليد ، إلا أن يقال لما كانت عضوا مستقلا فإذا غابت اعتبرت كالمنفصل ، لكن ما سيأتي في الصوم مطلق ، فإنه سيأتي أنه لو أدخل عودا في مقعدته وغاب فسد صومه وإلا فلا ، وإن أدخل أصبعه فالمختار أنها لو مبتلة فسد ، وإلا فلا ، تأمل ; ولذا قال في البدائع هذا يدل على أن استقرار الداخل في الجوف شرط فساد الصوم ( قوله : بطل وضوءه وصومه ) أي في المسألتين ، لكن بطلان الصوم في الأولى خلاف المختار إلا أن يفرق بين مجرد إدخال الأصبع وتغيبها ويحتاج إلى نقل صريح ، فإن ما ذكروه في الصوم مطلق كما علمت ، ولهذا قال ط : إن في كلامه لفا ونشرا مرتبا ، فبطلان الوضوء يرجع إلى قوله ولو غيبها ، وقوله : وصومه يرجع إلى قوله أو أدخلها عند الاستنجاء .

قلت : لكن لو أدخلها عند الاستنجاء ينتقض وضوءه أيضا لأنها لا تخلو من البلة إذا خرجت كما في شرح الشيخ إسماعيل عن الواقعات وكذا في التتارخانية ، لكن نقل فيها أيضا عن الذخيرة عدم النقض ، والذي يظهر هو النقض لخروج البلة معها .

والحاصل أن الصوم يبطل بالدخول ، والوضوء بالخروج ، فإذا أدخل عودا جافا ولم يغيبه لا يفسد الصوم لأنه ليس بداخل من كل وجه ومثله الأصبع ، وإن غيب العود فسد لتحقق الدخول ، وكذا لو كان هو أو الأصبع مبتلا لاستقرار البلة في الجوف ، وإذا أخرج العود بعدما غاب فسد وضوءه مطلقا ; وإن لم يغب ، فإن عليه [ ص: 150 ] بلة أو فيه رائحة فسد الوضوء ، وإلا فلا ( قوله : بيده ) أو بخرقة بحر ( قوله : انتقض ) لأنه يلتزق بيده شيء من النجاسة بحر : أي فيتحقق خروجها ( قوله : لا ) أي لا ينتقض لعدم تحقق الخروج ، لكن ذكر بعده في البحر عن الحلواني أنه إن تيقن خروج الدبر تنتقض طهارته بخروج النجاسة من الباطن إلى الظاهر . ا هـ .

وبه جزم في الإمداد ( قوله : وكذا ) أي في عدم النقض . وهذا ذكره في البحر عن التوشيح تخريجا على مسألة الباسوري ( قوله : فدخلت ) الأولى حذفه ليكون التشبيه في طرفي الإدخال والدخول ط ( قوله : من لذكره إلخ ) فيه إيجاز ، وأصل العبارة كما في الخانية : لو كان بذكر الرجل جرح له رأسان : أحدهما يخرج منه الذي يسيل في مجرى البول ، والثاني ما لا يسيل فيه ; فالأول بمنزلة الإحليل إذا ظهر البول على رأسه ينقض وإن لم يسل ، ولا وضوء في الثاني ما لم يسل .

( قوله : فرجه الآخر ) أي المحكوم بزيادته على أصل خلقته ( قوله : كالجرح ) أي لا ينقض الوضوء ما يخرج منه ما لم يسل خانية ، وبه جزم في الفتح وغيره ، لكن قال الزيلعي : وأكثرهم على إيجاب الوضوء عليه . قال في النهر : إلا أن الذي ينبغي التعويل عليه هو الأول ( قوله : بكل ) أي بالخارج من كل بمجرد الظهور عملا بالأحوط كما في التوضيح ط .




الخدمات العلمية