الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( أو وطئت نائمة أو مجنونة ) بأن أصبحت صائمة فجنت ( أو تسحر أو أفطر يظن اليوم ) أي الوقت الذي أكل فيه ( ليلا و ) الحال أن ( الفجر طالع والشمس لم تغرب ) لف ونشر ويكفي الشك في الأول [ ص: 406 ] دون الثاني عملا بالأصل فيهما ولو لم يتبين الحال لم يقض في ظاهر الرواية والمسألة تتفرع إلى ستة وثلاثين ، محلها المطولات ( قضى ) في الصور كلها ( فقط ) [ ص: 407 ] كما لو شهدا على الغروب وآخران على عدمه فأفطر فظهر عدمه ، ولو كان ذلك في طلوع الفجر قضى وكفر ; لأن شهادة النفي لا تعارض شهادة الإثبات . واعلم أن كل ما انتفى فيه الكفارة محله ما إذا لم يقع منه ذلك مرة بعد أخرى لأجل قصد المعصية فإن فعله وجبت زجرا له بذلك أفتى أئمة الأمصار وعليه الفتوى قنية وهذا حسن نهر ( والأخيران يمسكان بقية يومهما وجوبا على الأصح ) لأن الفطر قبيح وترك القبيح شرعا واجب [ ص: 408 ] ( كمسافر أقام وحائض ونفساء طهرتا ومجنون أفاق ومريض صح ) ومفطر ولو مكرها أو خطأ ( وصبي بلغ وكافر أسلم وكلهم يقضون ) ما فاتهم ( إلا الأخيرين ) وإن أفطرا لعدم أهليتها في الجزء الأول من اليوم وهو السبب في الصوم لكن لو نويا قبل الزوال كان نفلا فيقضي بالإفساد كما في الشرنبلالية عن الخانية .

التالي السابق


( قوله : أو وطئت إلخ ) هذا بالنظر إليها وأما الواطئ فعليه القضاء والكفارة إذ لا فرق بين وطئه عاقلة أو غيرها كما في الأشباه وغيرها ( قوله : بأن أصبحت صائمة فجنت ) جواب عن سؤال حاصله : أن الجنون ينافي الصوم فلا يصح تصوير هذا الفرع .

وحاصل الجواب : أن الجنون لا ينافي الصوم إنما ينافي شرطه أعني النية وهي قد وجدت في هذه الصورة ط قال ح ومثلها ما إذا نوت فجنت بالليل فجامعها نهارا كما في النهر وكذا لو نوت نهارا قبل الضحوة الكبرى فجنت فجامعها . ا هـ . ( قوله : أو تسحر إلخ ) أي يجب عليه القضاء دون الكفارة ; لأن الجناية قاصرة وهي جناية عدم التثبت لا جناية الإفطار ; لأنه لم يفسده ، ولهذا صرحوا بعدم الإثم عليه كما قالوا في القتل الخطأ لا إثم فيه والمراد إثم القتل وصرحوا بأن فيه إثم ترك العزيمة والمبالغة في التثبت حالة الرمي بحر عن الفتح .

قلت : لكن الظاهر عدم الإثم هنا أصلا بدليل عدم وجوب الكفارة هنا ووجوبها في القتل الخطأ لوجود الإثم فيه ; لأنها مكفرة للإثم ( قوله : أي الوقت إلخ ) إطلاق اليوم على مطلق الوقت الشامل لليل مجاز مشهور مثل ركب يوم يأتي العدو والداعي إليه هنا قوله أو تسحر ( قوله : ليلا ) ليس بقيد ; لأنه لو ظن الطلوع وأكل مع ذلك ثم تبين صحة ظنه ، فعليه القضاء ولا كفارة ; لأنه بنى الأمر على الأصل فلم تكمل الجناية فلو قال ظنه ليلا أو نهارا لكان أولى وليس له أن يأكل ; لأن غلبة الظن كاليقين بحر . وأجاب في النهر بأنه قيد بالليل ليطابق قوله أو تسحر . ا هـ .

قلت : مراد البحر أنه غير قيد من حيث الحكم والتسحر وإن كان الأكل في السحر لكن سمي به باعتبار احتمال وقوعه فيه وإلا لزم أن لا يصح التعبير به ، ولو ظن بقاء الليل ; لأن فرض المسألة وقوعه بعد الطلوع والأكل بعد الطلوع لا يسمى سحورا فلولا الاعتبار المذكور لم يصح قوله أو تسحر فتدبر ( قوله : لف ونشر ) أي مرتب كما في بعض النسخ ( قوله : ويكفي ) أي لإسقاط الكفارة الشك في الأول أي في التسحر ; لأن الأصل بقاء الليل ، فلا يخرج بالشك إمداد فكان على المتن أن يعبر هنا بالشك كما قال في نور الإيضاح : أو تسحر أو جامع شاكا في طلوع الفجر وهو طالع ثم يقول أو ظن الغروب قال في النهر : ولا يصح أن يراد بالظن هنا ما يعم الشك ما زعم في البحر لعدم صحته في الشق الثاني ، فإنه لا يكفي فيه الشك فالصواب إبقاء الظن على بابه غاية الأمر أن يكون المتن ساكتا عن الشك ولا ضير فيه . ا هـ . ح .

أقول : في وجوب الكفارة مع الشك في الغروب اختلاف المشايخ كما نقله في البحر عن شرح الطحاوي ، ونقل أيضا عن البدائع تصحيح عدم الوجوب فيما إذا غلب على رأيه عدم الغروب ; لأن احتمال الغروب قائم فكان شبهة والكفارة لا تجب مع الشبهة . ا هـ .

ولا يخفى أن هذا يقتضي تصحيح القول بعدم الوجوب عند الشك في الغروب بالأولى لكن ذكر في الفتح : أن مختار الفقيه أبي جعفر لزوم الكفارة عند الشك ; لأن الثابت حال غلبة الظن بالغروب شبهة الإباحة لا حقيقتها ففي حال الشك دون ذلك ، وهو شبهة الشبهة وهي لا تسقط العقوبات ، ثم قال في الفتح هذا إذا لم يتبين الحال فإن ظهر أنه أكل قبل الغروب فعليه الكفارة ولا أعلم فيه خلافا . ا هـ .

[ ص: 406 ] ولا يخفى أن كلامنا في الثاني وبه تأيد ما في النهر ثم إن شبهة الشبهة إذا لم تعتبر عند الشك في الغروب يلزم عدم اعتبارها عند غلبة الظن بعدمه بالأولى وبه يضعف ما في البدائع من تصحيح عدم الوجوب ولذا جزم الزيلعي بلزوم القضاء والكفارة وكذا في النهاية ( قوله : عملا بالأصل فيهما ) أي في الأول والثاني فإن الأصل في الأول بقاء الليل ، فلا تجب الكفارة وفي الثاني بقاء النهار فتجب على إحدى الروايتين كما علمت ( قوله : ولم يتبين الحال ) أي فيما لو ظن بقاء الليل أو شك فتسحر ، وهذا مقابل قوله والحال أن الفجر طالع فإن المراد به التيقن حتى لو غلب على ظنه أنه أكل بعد طلوع الفجر لا قضاء عليه في أشهر الروايات بحر فهذا داخل في عدم التبين ( قوله : لم يقض ) أي في مسألة الظن أو الشك في بقاء الليل ; لأن الأصل بقاؤه فلا يخرج بالشك بحر .

وأما مسألة الظن أو الشك في الغروب مع التبين أو عدمه فسنذكرها ( قوله : في ظاهر الرواية ) فيه أنه ذكره الزيلعي وصاحب البحر بلا حكاية خلاف وهذا وهم سرى إليه من مسألة ذكرها الزيلعي وهي ما إذا غلب على ظنه طلوع الفجر فأكل ثم لم يتبين شيء فإنه لا شيء عليه في ظاهر الرواية وقيل يقضى احتياطا أفاده ح ( قوله : تتفرع إلى ستة وثلاثين ) هذا على ما في النهر قال ; لأنه إما أن يغلب على ظنه أو يظن أو يشك وكل من الثلاثة إما أن يكون في وجود المبيح أو قيام المحرم فهي ستة وكل منها على ثلاثة إما أن يتبين له صحة ما بدا له أو بطلانه أو لا ولا ، وكل من الثمانية عشر إما أن يكون في ابتداء الصوم أو في انتهائه فتلك ستة وثلاثون . ا هـ .

وفيه نظر ; لأنه فرق في التقسيم الأول بين الظن وغلبته ، ولا فائدة له لاتحادهما حكما وإن اختلفا مفهوما فإن مجرد ترجح أحد طرفي الحكم عند العقل هو أصل الظن ، فإن زاد ذلك الترجح حتى قرب من اليقين سمي غلبة الظن وأكبر الرأي فلذا جعلها في البحر أربعة وعشرين . ويرد عليهما أنه لا وجه لجعل الشك تارة في وجود المبيح وتارة في وجود المحرم ; لأن الشك في أحدهما شك في الآخر لاستواء الطرفين في الشك بخلاف الظن فإنه إنما صح تعلقه بالمبيح تارة وبالمحرم أخرى ; لأن له نسبة مخصوصة إلى أحد الطرفين ، فإذا تعلق الظن بوجود الليل لا يكون متعلقا بوجود النهار وبالعكس .

فالحق في التقسيم أن يقال إما أن يظن وجود المبيح أو وجود المحرم ، أو يشك وكل من الثلاثة إما أن يكون في ابتداء الصوم أو انتهائه وفي كل من الستة إما أن يتبين وجود المبيح أو وجود المحرم أو لا يتبين ، فهي ثمانية عشر تسعة في ابتداء الصوم وتسعة في انتهائه ويشهد لذلك أن الزيلعي لم يذكر غير ثمانية عشر وذكر أحكامها وهي أنه إن تسحر على ظن بقاء الليل ، فإن تبين بقاؤه أو لم يتبين شيء فلا شيء عليه وإن تبين طلوع الفجر فعليه القضاء فقط ومثله الشك في الطلوع وإن تسحر على ظن طلوع الفجر فإن تبين الطلوع فعليه القضاء فقط وإن لم يتبين شيء فلا شيء عليه في ظاهر الرواية وقيل يقضي فقط وإن تبين بقاء الليل فلا شيء عليه فهذه تسعة في الابتداء ، وإن ظن غروب الشمس فإن تبين عدمه فعليه القضاء فقط وإن تبين الغروب أو لم يتبين شيء فلا شيء عليه وإن شك فيه فإن لم يتبين شيء فعليه القضاء وفي الكفارة روايتان وإن تبين عدمه فعليه القضاء والكفارة وإن تبين الغروب فلا شيء عليه وإن ظن عدمه فإن تبين عدمه أو لم يتبين شيء فعليه القضاء والكفارة وإن تبين الغروب فلا شيء عليه وهذه تسعة في الانتهاء .

والحاصل : أنه لا يجب شيء في عشر صور ويجب القضاء فقط في أربع والقضاء والكفارة في أربع أفاده ح ( قوله : في الصور كلها ) أي المذكورة تحت قوله وإن أفطر خطأ إلخ لا صور التفريع ( قوله : فقط ) أي بدون [ ص: 407 ] كفارة ( قوله : كما لو شهدا إلخ ) أي فلا كفارة لعدم الجناية ; لأنه اعتمد على شهادة الإثبات ط ( قوله : لأن شهادة النفي لا تعارض الإثبات ) ; لأن البينات للإثبات لا للنفي فتقبل شهادة المثبت لا النافي بحر : أي لأن المثبت معه زيادة علم وإذا لغت النافية بقيت المثبتة فتوجب الظن وبه اندفع ما أورد أن تعارضهما يوجب الشك وإذا شك في الغروب ، ثم ظهر عدمه تجب الكفارة كما مر لكن قال في الفتح وفي النفس منه شيء يظهر بأدنى تأمل .

قلت : ولعل وجهه أن شهادة النفي إنما لم تقبل في الحقوق ; لأن الأصل العدم فلم تفد شيئا زائدا بخلاف المثبتة لكن هنا النافية تورث شبهة فينبغي أن تسقط بها الكفارة وفي البزازية ولو شهد واحد على الطلوع وآخران على عدمه لا كفارة ا هـ تأمل .

مطلب في جواز الإفطار بالتحري [ تتمة ] في تعبير المصنف كغيره بالظن إشارة إلى جواز التسحر والإفطار بالتحري وقيل لا يتحرى في الإفطار وإلى أنه يتسحر بقول عدل وكذا بضرب الطبول واختلف في الديك .

وأما الإفطار فلا يجوز بقول الواحد بل بالمثنى وظاهر الجواب أنه لا بأس ما إذا كان عدلا صدقه كما في الزاهدي وإلى أنه لو أفطر أهل الرستاق بصوت الطبل يوم الثلاثين ظانين أنه يوم العيد وهو لغيره لم يكفروا كما في المنية قهستاني .

قلت : ومقتضى قوله لا بأس بالفطر بقول عدل صدقه أنه لا يجوز إذا لم يصدقه ولا بقول المستور مطلقا وبالأولى سماع الطبل أو المدفع الحادث في زماننا لاحتمال كونه لغيره ولأن الغالب كون الضارب غير عدل فلا بد حينئذ من التحري فيجوز ; لأن ظاهر مذهب أصحابنا جواز الإفطار بالتحري كما نقله في المعراج عن شمس الأئمة السرخسي ; لأن التحري يفيد غلبة الظن ، وهي كاليقين كما تقدم فلو لم يتحر لا يحل له الفطر لما في السراج وغيره لو شك في الغروب لا يحل له الفطر ; لأن الأصل بقاء النهار ا هـ وفي البحر عن البزازية : ولا يفطر ما لم يغلب على ظنه الغروب وإن أذن المؤذن ا هـ وقد يقال : إن المدفع في زماننا يفيد غلبة الظن وإن كان ضاربه فاسقا ; لأن العادة أن الموقت يذهب إلى دار الحكم آخر النهار فيعين له وقت ضربه ويعينه أيضا للوزير وغيره وإذا ضربه يكون ذلك بمراقبة الوزير وأعوانه للوقت المعين فيغلب على الظن بهذه القرائن عدم الخطأ وعدم قصد الإفساد وإلا لزم تأثيم الناس وإيجاب قضاء الشهر بتمامه عليهم فإن غالبهميفطر بمجرد سماع المدفع من غير تحر ولا غلبة ظن والله تعالى أعلم .

( قوله : مرة بعد أخرى إلخ ) ظاهره أنه بالمرة الثانية تجب عليه الكفارة ولو حصل فاصل بأيام وأنه إذا لم يقصد المعصية وهي الإفطار لا تجب ط ( قوله : والأخيران ) أي من تسحر أو أفطر يظن الوقت ليلا إلخ وقد تبع المصنف بذلك صاحب الدرر ولا وجه لتخصيصه كما أشار إليه الشارح فيما يأتي ( قوله : على الأصح ) وقيل يستحب فتح وأجمعوا على أنه لا يجب على الحائض والنفساء والمريض والمسافر وعلى لزومه لمن أفطر خطأ أو عمدا أو يوم الشك ثم تبين أنه رمضان ذكره قاضي خان شرنبلالية ( قوله : ; لأن الفطر ) أي تناول صورة المفطر وإلا فالصوم فاسد قبله وأشار إلى قياس من الشكل الأول ذكر فيه مقدمتا القياس وطويت فيه النتيجة وتقريره هكذا الفطر قبيح شرعا [ ص: 408 ] وكل قبيح شرعا تركه واجب فالفطر تركه واجب فافهم ( قوله : كمسافر أقام ) أي بعد نصف النهار أو قبله بعد الأكل أما قبلهما فيجب عليه الصوم وإن كان نوى الفطر كما سيأتي متنا في الفصل الآتي .

والأصل في هذه المسائل أن كل من صار في آخر النهار بصفة لو كان أول النهار عليها للزمه الصوم فعليه الإمساك كما في الخلاصة والنهاية والعناية لكنه غير جامع إذ لا يدخل فيه من أكل في رمضان عمدا ; لأن الصيرورة للتحول ولو لامتناع ما يليه ولا يتحقق المفاد بهما فيه نهر أي لأنه لم يتجدد له حالة بعد فطره لم يكن عليها قبله وكذا لا يدخل فيه من أصبح يوم الشك مفطرا أو تسحر على ظن الليل أو أفطر كذلك ولذا ذكر في البدائع الأصل المذكور ثم قال : وكذا كل من وجب عليه الصوم لوجود سبب الوجوب والأهلية ثم تعذر عليه المضي بأن أفطر متعمدا أو أصبح يوم الشك مفطرا ثم تبين أنه من رمضان أو تسحر على ظن أن الفجر لم يطلع ثم تبين طلوعه ، فإنه يجب عليه الإمساك تشبها ا هـ .

فقد جعل لوجوب الإمساك أصلين تتفرع عليهما الفروع وقد حاول في الفتح تصحيح الأصل الأول فأبدل صار بتحقق لكنه أتى بلو الامتناعية فلم يتم له ما أراده كما أفاده في البحر والنهر ( قوله : طهرتا ) أي بعد الفجر أو معه فتح ( قوله : ومجنون أفاق ) أي بعد الأكل أو بعد فوات وقت النية وإلا فإذا نوى صح صومه كما يأتي والظاهر وجوبه عليه كالمسافر ( قوله : ومفطر ) عبر به إشارة إلى أنه لا فرق بين مفطر ومفطر وأنه لا وجه لقول المصنف والأخيران يمسكان كما مر أفاده ح ( قوله : وإن أفطرا ) أخذه من قول البحر سواء أفطرا في ذلك اليوم أو صاماه لكن لا يخفى أن صوم الكافر لا يصح لفقد شرطه وهو النية المشروطة بالإسلام فالمراد صومه بعد إسلامه إذا أسلم في وقت النية ( قوله : لعدم أهليتهما ) أي لأصل الوجوب بخلاف الحائض فإنها أهل له وإنما سقط عنها وجوب الأداء فلذا وجب عليها القضاء ومثلها المسافر والمريض والمجنون ( قوله : وهو السبب في الصوم ) أي السبب لصوم كل يوم وهذا على خلاف ما اختاره السرخسي ومشى عليه المصنف أول الكتاب من أنه شهود جزء من الشهر من ليل أو نهار وقيد بالصوم ; لأن السبب في الصلاة الجزء المتصل بالأداء ولهذا لو بلغ أو أسلم في أثناء الوقت وجبت عليه لوجود الأهلية عند السبب وهي معدومة في أول جزء من اليوم ، فلذا لم يجب صومه خلافا لزفر وأورد في الفتح أنه لو كان السبب فيه هو الجزء الأول لزم أن لا يجب الإمساك فيه ; لأنه لا بد أن يتقدم السبب على الوجوب وإلا لزم سبق الوجوب على السبب وأجاب في البحر بأن اشتراط التقدم هنا سقط للضرورة وتمام تحقيقه فيه وقدمنا شيئا منه أول الكتاب ( قوله : لكن لو نويا إلخ ) أي الأخيران وهو استدراك على ما فهم من إمساكهما وهو أنه لا يصح صومهما فأفاد أنه لا يصح عن الفرض في ظاهر الرواية خلافا لأبي يوسف ويصح نفلا لو نويا قبل الزوال حتى لو أفسداه وجب قضاؤه ، وجه ظاهر الرواية ما في الهداية من أن الصوم لا يتجزأ وجوبا وأهلية الوجوب معدومة في أوله . ا هـ .

ثم إن صحة نية النفل خصها في البحر عن الظهيرية بالصبي بخلاف الكافر ; لأنه ليس أهلا للتطوع والصبي أهل له وذكر في الفتح أن أكثر المشايخ على هذا الفرق ومثله في النهاية فما هنا قول البعض .




الخدمات العلمية