باب نكاح الكافر
يشمل المشرك والكتابي . وهاهنا ثلاثة أصول :
الأول أن ( ) خلافا كل نكاح صحيح بين المسلمين فهو صحيح بين أهل الكفر ، ويرده قوله تعالى - { لمالك وامرأته حمالة الحطب } - وقوله عليه الصلاة والسلام { } ولدت من نكاح لا من سفاح
التالي
السابق
باب نكاح الكافر
لما فرغ من نكاح الأحرار والأرقاء من المسلمين شرع في نكاح الكفار وتقدم في آخر باب المهر حكم مهر الكافر ، وأنه تثبت بقية أحكام النكاح في حقهم كالمسلمين : من وجوب النفقة في النكاح ، ووقوع الطلاق ونحوهما : كعدة ونسب ، وخيار بلوغ ، وتوارث بنكاح صحيح ، وحرمة مطلقة ثلاثا ونكاح محارم ( قوله يشمل المشرك والكتابي ) لو قال يشمل الكتابي وغيره لكان أولى ، ليدخل من ليس بمشرك ولا كتابي كالدهري ، وأشار إلى أن التعبير بالكافر لشموله الكتابي أولى من تعبير الهداية تبعا بالمشرك . ا هـ . للقدوري ح واعتذر في الفتح عن الهداية بأنه أراد بالمشرك ما يشمل الكتابي إما تغليبا أو ذهابا إلى ما اختاره البعض من أهل الكتاب داخلون في المشركين ، أو باعتبار قول طائفة منهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله تعالى الله رب العزة والكبرياء .
( قوله خلافا ) فلا يقول بصحة أنكحتهم ولو صحت بين المسلمين ، وأخذ منه أنه لا يقول بالأصلين الأخيرين بالأولى لمالك ط ( قوله ويرده ) أي قول المفهوم من قوله خلافا مالك ، فإنه بمنزلة وقال لمالك لا يصح مالك ط ( قوله وامرأته حمالة الحطب ) أي فهذه الإضافة قاضية عرفا ولغة بالنكاح ، وقد قصها الله تعالى في كتابه مفيدة لهذا المعنى ط ( قوله { } ) أي لا من زنا ، والمراد به نفي ما كانت عليه الجاهلية من أن المرأة تسافح رجلا مدة ثم يتزوجها ، وقد استدل بالحديث المذكور في الفتح أيضا . ووجهه أنه صلى الله عليه وسلم سمى ما وجد قبل الإسلام من أنكحة الجاهلية نكاحا . ولدت من نكاح لا من سفاح
مطلب في الكلام على أبوي النبي صلى الله عليه وسلم وأهل الفترة
ولا يقال : إن فيه إساءة أدب لاقتضائه كفر الأبوين الشريفين مع أن الله تعالى أحياهما له وآمنا به كما ورد في حديث ضعيف . لأنا نقول : إن الحديث أعم بدليل رواية الطبراني وأبي نعيم { وابن عساكر } وإحياء الأبوين بعد موتهما لا ينافي كون النكاح كان في زمن الكفر . خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء
ولا ينافي أيضا ما قاله الإمام في الفقه الأكبر من أن والديه صلى الله عليه وسلم ماتا على الكفر ، ولا ما في صحيح { مسلم } وما فيه أيضا [ ص: 185 ] { استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي } لإمكان أن يكون الإحياء بعد ذلك لأنه كان في حجة الوداع ، وكون الإيمان عند المعاينة غير نافع فكيف بعد الموت فذاك في غير الخصوصية التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم وأما الاستدلال على نجاتهما بأنهما ماتا في زمن الفترة مبني على أصول أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي ؟ قال : في النار ، فلما قفا دعاه إن أبي وأباك في النار الأشاعرة أن من مات ولم تبلغه الدعوى يموت ناجيا ، أما الماتريدية ، فإن مات قبل مضي مدة يمكنه فيها التأمل ولم يعتقد إيمانا ولا كفرا فلا عقاب عليه ، بخلاف ما إذا اعتقد كفرا أو مات بعد المدة غير معتقد شيئا .
نعم البخاريون من الماتريدية وافقوا الأشاعرة ، وحملوا قول لا عذر لأحد في الجهل بخالقه على ما بعد البعثة ، واختاره الإمام المحقق ابن الهمام في التحرير ، لكن هذا في غير من مات معتقدا للكفر ، فقد صرح النووي والفخر الرازي بأن من مات قبل البعثة مشركا فهو في النار ، وعليه حمل بعض المالكية ما صح من الأحاديث في تعذيب أهل الفترة بخلاف من لم يشرك منهم ولم يوجد بل بقي عمره في غفلة من هذا كله ففيهم الخلاف ، وبخلاف من اهتدى منهم بعقله كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل فلا خلاف في نجاتهم ، وعلى هذا فالظن في كرم الله تعالى أن يكون أبواه صلى الله عليه وسلم من أحد هذين القسمين ، بل قيل إن آباءه صلى الله عليه وسلم كلهم موحدون لقوله تعالى { وتقلبك في الساجدين } لكن رده أبو حيان في تفسيره بأن قول الرافضة ومعنى الآية وترددك في تصفح أحوال المتهجدين فافهم .
وبالجملة كما قال بعض المحققين : أنه لا ينبغي ذكر هذه المسألة إلا مع مزيد الأدب . وليست من المسائل التي يضر جهلها أو يسأل عنها في القبر أو في الموقف ، فحفظ اللسان عن التكلم فيها إلا بخير أولى وأسلم ، وسيأتي زيادة كلام في هذه المسألة في باب المرتد عند قوله وتوبة اليأس مقبولة دون إيمان اليأس
لما فرغ من نكاح الأحرار والأرقاء من المسلمين شرع في نكاح الكفار وتقدم في آخر باب المهر حكم مهر الكافر ، وأنه تثبت بقية أحكام النكاح في حقهم كالمسلمين : من وجوب النفقة في النكاح ، ووقوع الطلاق ونحوهما : كعدة ونسب ، وخيار بلوغ ، وتوارث بنكاح صحيح ، وحرمة مطلقة ثلاثا ونكاح محارم ( قوله يشمل المشرك والكتابي ) لو قال يشمل الكتابي وغيره لكان أولى ، ليدخل من ليس بمشرك ولا كتابي كالدهري ، وأشار إلى أن التعبير بالكافر لشموله الكتابي أولى من تعبير الهداية تبعا بالمشرك . ا هـ . للقدوري ح واعتذر في الفتح عن الهداية بأنه أراد بالمشرك ما يشمل الكتابي إما تغليبا أو ذهابا إلى ما اختاره البعض من أهل الكتاب داخلون في المشركين ، أو باعتبار قول طائفة منهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله تعالى الله رب العزة والكبرياء .
( قوله خلافا ) فلا يقول بصحة أنكحتهم ولو صحت بين المسلمين ، وأخذ منه أنه لا يقول بالأصلين الأخيرين بالأولى لمالك ط ( قوله ويرده ) أي قول المفهوم من قوله خلافا مالك ، فإنه بمنزلة وقال لمالك لا يصح مالك ط ( قوله وامرأته حمالة الحطب ) أي فهذه الإضافة قاضية عرفا ولغة بالنكاح ، وقد قصها الله تعالى في كتابه مفيدة لهذا المعنى ط ( قوله { } ) أي لا من زنا ، والمراد به نفي ما كانت عليه الجاهلية من أن المرأة تسافح رجلا مدة ثم يتزوجها ، وقد استدل بالحديث المذكور في الفتح أيضا . ووجهه أنه صلى الله عليه وسلم سمى ما وجد قبل الإسلام من أنكحة الجاهلية نكاحا . ولدت من نكاح لا من سفاح
مطلب في الكلام على أبوي النبي صلى الله عليه وسلم وأهل الفترة
ولا يقال : إن فيه إساءة أدب لاقتضائه كفر الأبوين الشريفين مع أن الله تعالى أحياهما له وآمنا به كما ورد في حديث ضعيف . لأنا نقول : إن الحديث أعم بدليل رواية الطبراني وأبي نعيم { وابن عساكر } وإحياء الأبوين بعد موتهما لا ينافي كون النكاح كان في زمن الكفر . خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء
ولا ينافي أيضا ما قاله الإمام في الفقه الأكبر من أن والديه صلى الله عليه وسلم ماتا على الكفر ، ولا ما في صحيح { مسلم } وما فيه أيضا [ ص: 185 ] { استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي } لإمكان أن يكون الإحياء بعد ذلك لأنه كان في حجة الوداع ، وكون الإيمان عند المعاينة غير نافع فكيف بعد الموت فذاك في غير الخصوصية التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم وأما الاستدلال على نجاتهما بأنهما ماتا في زمن الفترة مبني على أصول أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي ؟ قال : في النار ، فلما قفا دعاه إن أبي وأباك في النار الأشاعرة أن من مات ولم تبلغه الدعوى يموت ناجيا ، أما الماتريدية ، فإن مات قبل مضي مدة يمكنه فيها التأمل ولم يعتقد إيمانا ولا كفرا فلا عقاب عليه ، بخلاف ما إذا اعتقد كفرا أو مات بعد المدة غير معتقد شيئا .
نعم البخاريون من الماتريدية وافقوا الأشاعرة ، وحملوا قول لا عذر لأحد في الجهل بخالقه على ما بعد البعثة ، واختاره الإمام المحقق ابن الهمام في التحرير ، لكن هذا في غير من مات معتقدا للكفر ، فقد صرح النووي والفخر الرازي بأن من مات قبل البعثة مشركا فهو في النار ، وعليه حمل بعض المالكية ما صح من الأحاديث في تعذيب أهل الفترة بخلاف من لم يشرك منهم ولم يوجد بل بقي عمره في غفلة من هذا كله ففيهم الخلاف ، وبخلاف من اهتدى منهم بعقله كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل فلا خلاف في نجاتهم ، وعلى هذا فالظن في كرم الله تعالى أن يكون أبواه صلى الله عليه وسلم من أحد هذين القسمين ، بل قيل إن آباءه صلى الله عليه وسلم كلهم موحدون لقوله تعالى { وتقلبك في الساجدين } لكن رده أبو حيان في تفسيره بأن قول الرافضة ومعنى الآية وترددك في تصفح أحوال المتهجدين فافهم .
وبالجملة كما قال بعض المحققين : أنه لا ينبغي ذكر هذه المسألة إلا مع مزيد الأدب . وليست من المسائل التي يضر جهلها أو يسأل عنها في القبر أو في الموقف ، فحفظ اللسان عن التكلم فيها إلا بخير أولى وأسلم ، وسيأتي زيادة كلام في هذه المسألة في باب المرتد عند قوله وتوبة اليأس مقبولة دون إيمان اليأس