الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 449 ] ( قال لها : طلقي نفسك ثلاثا بألف ) أو على ألف ( فطلقت نفسها واحدة لم يقع شيء ) لأنه لم يرض بالبينونة إلا بكل الألف ، بخلاف ما مر لرضاها بها بألف فببعضها أولى ( وقوله لها : أنت طالق بألف أو على ألف وقبلت ) في مجلسها ( لزم ) إن لم تكن مكرهة كما مر ، ولا سفيهة ولا مريضة كما يجيء ( الألف ) لأنه تعويض أو تعليق . وفي البحر عن التتارخانية : قال لامرأتيه : إحداكما طالق بألف درهم والأخرى بمائة دينار فقبلتا طلقتا بغير شيء ( أنت طالق وعليك ألف ، أو أنت حر وعليك ألف طلقت وعتق مجانا ) وإن لم يقبلا ، و " عليك ألف " [ ص: 450 ] جملة تامة : وقالا : إن قبلا صح ولزم المال عملا بأن الواو للحال ، وفي الحاوي وبقولهما يفتى .

التالي السابق


( قوله : فببعضها أولى ) فيه بحث لأنها قد يكون لها غرض في الثلاث حسما لمادة الرجوع إليه لشدة بغضه فتخاف من أن يحملها أحد على المعاودة إليه فلا يتم إلا بالثلاث مقدسي . وقد يقال : إن هذا لا ينظر إليه بعد حصول المقصود بملكها نفسها على أن إمكان المعاودة حاصل بالحل على التحليل فافهم ( قوله : وقبلت في مجلسها ) فلو بعده لم يلزمها المال لأنه مبادلة من جانبها كما مر وهذا إذا لم يكن معلقا ولا مضافا وإلا اعتبر القبول بعد وجود الشرط والوقت كما قدمناه عن البدائع ، ومثله في البحر ( قوله : كما مر ) أي في قول المصنف أكرهها عليه تطلق بلا مال ( قوله : ولا سفيهة ولا مريضة ) فلو سفيهة لم يلزم المال ولو مريضة اعتبر من الثلث كما يأتي بيانه ( قوله : لأنه تعويض ) بالعين المهملة لا بالفاء كما يوجد في بعض النسخ وهذا راجع لقوله بألف ، وقوله : أو تعليق راجع لقوله على ألف . قال الزيلعي : ولا بد من قبولها لأنه عقد معاوضة ، أو تعليق بشرط ، فلا تنعقد المعاوضة بدون القبول ولا ينزل المعلق بدون الشرط إذ لا ولاية لأحدهما في إلزام صاحبه بدون رضاه ، والطلاق بائن لأنها ما التزمت المال إلا لتسلم لها نفسها وذلك بالبينونة . ا هـ . ( قوله : طلقتا بغير شيء ) لأنه علق طلاقهما على قبولهما وقد وجد ولم يعلم ما يلزم كل واحدة منهما ، فإن لكل أن تقول لا يلزمني إلا الدراهم وينبغي أن يلزم لو رضي منهما بالدراهم ، وإذا طلقتا بلا شيء كان رجعيا لأنه بلفظ رحمتي ، وما قيل من أنه ينبغي أن يلزمهما رد مهرهما فهو مما لا ينبغي ، فإن الطلاق الصريح ولو على مال غير مسقط للمهر على المعتمد كما يأتي متنا فافهم ( قوله : وإن لم يقبلا ) مبالغة على قوله طلقت ، وعتق لأنه عند القبول تطلق ، ويعتق بالأولى لأنه متفق عليه ، فالمبالغة إشارة إلى رد قولهما ، ولا يصح جعل المبالغة لقوله مجانا لأن المناسب له أن يقول وإن [ ص: 450 ] قبلا كما لا يخفى ( قوله : جملة تامة ) أي فلا ترتبط بما قبلها إلا بدلالة الحال إذ الأصل في الجملة الاستقلال ، ولا دلالة هنا لأن الطلاق والعتاق ينفكان عن المال ، بخلاف البيع والإجارة فإنهما لا يوجدان بدونه درر .

[ تنبيه ] :

اتفقوا على أنها للحال في " أد إلي ألفا وأنت حر " لتعذر عطف الخبر على الإنشاء ، وعلى أنها بمعنى باء المعاوضة في " احمل هذا ولك درهم " لأن المعاوضة في الإجارة أصلية ، وعلى تعين العطف في قول المضارب " خذ هذا المال واعمل به في البز " للإنشائية فلا تتقيد المضاربة به ، وعلى احتمال الأمرين في " أنت طالق وأنت مريضة ، أو مصلية " إذ لا مانع ولا معين فيتنجز الطلاق قضاء ، ويتعلق ديانة إن نواه وتمامه في البحر ( قوله : عملا بأن الواو للحال ) فكأنه قال أنت طالق في حال وجوب الألف لي عليك ولا يتحقق ذلك إلا بالقبول وبه يلزم المال نهر .




الخدمات العلمية