الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
خلعها على أن صداقها لولدها ، أو لأجنبي أو على أن يمسك الولد عنده صح الخلع وبطل الشرط . قالت : اختلعت منك فقال لها طلقتك بانت وقيل رجعي . ولا رواية لو قالت : أبرأتك من المهر بشرط الطلاق الرجعي فطلقها رجعيا ، [ ص: 464 ] لكن في الزيادات " أنت طالق اليوم رجعيا وغدا أخرى رجعيا بألف " فالبدل لهما وهما بائنتان ، لكن يقع غدا بغير شيء إن لم يعد ملكه .

التالي السابق


( قوله : صح الخلع ) لأنه لا يفسد بالشرط الفاسد كما مر .

( قوله : وبطل الشرط ) أي فلا يكون المهر للولد ولا للأجنبي بل يكون للزوج كما في البزازية وغيرها ، وليس له إمساك الولد عنده لأن إمساكه عند أمه حقه فلا يبطل بإبطالهما كما قدمناه عن الخانية ( قوله : بانت إلخ ) قال في الخانية : قالت له : اخلعني على ألف فقال : أنت طالق ، قيل : هو جواب ويتم الخلع ، وقيل لا بل طلاق . و المختار الأول لأنه جواب ظاهرا ، فإن قال لم أعن به الجواب صدق ووقع الطلاق بلا شيء ، وكذا لو قالت المرأة : اختلعت منك فقال : طلقتك ، قيل : هو جواب ويتم الخلع ، وقيل : لا بل رجعي ، وقيل يسأل الزوج عن النية . وفي المسألة الأولى ينبغي أن يسأل أيضا . ا هـ . وفي البزازية : والمختار أنه إذا أراد الجواب يكون جوابا ويجعل كأنه قال أنت طالق بالخلع لأنه خرج جوابا فيكون خلعا ويبرأ عن المهر ( قوله : ولا رواية إلخ ) ذكر ذلك في آخر القنية في باب المسائل التي لم يوجد فيها رواية ولا جواب شاف للمتأخرين ، وقال : فهل يقع بائنا للمقابلة بالمال كمسألة الزيادات أم رجعيا ؟ وهل يبرأ الزوج لوجود الشرط صورة ، أو لا يبرأ . ا هـ . ونقل عبارته في البحر قبيل قوله ولزمها المال ، وكتبت فيما علقته عليه أن صاحب القنية ذكر في الحاوي عن الأسرار الجواب بأن الواقع رجعي ، ويبرأ الزوج لتراضيهما على وقوع الرجعي ، ومقابلته بالمال لا تغيره عن وصفه بالرجعي . وأما مسألة الزيادات فهي فيما إذا طلبت منه المرأة طلقتين بائنتين بألف ، فمقابلة المال تغير وصفه بالرجعي فيلغو لأنها لم ترض بلزوم الألف مع بقاء النكاح و لأن الباء تصحب الأعواض ، والعوض يستلزم المعوض وهو انصرام النكاح بينهما ا هـ ملخصا .

قلت : هذا الجواب إنما يظهر إذا كان الواقع أنه قال ذلك بعد طلبها منه البائنتين ، أما لو ابتدأ الزوج بذلك وقالت قبلت يلزم أن يقع به الرجعي لوجود تراضيهما على ذلك مع أن المنقول يخالفه . ففي الذخيرة من الباب السادس في الطلاق : أنت طالق الساعة واحدة وغدا أخرى بألف فقبلت وقع في الحال واحدة بنصف الألف وغدا أخرى بلا شيء لأن شرط وجوب البدل بالطلاق زوال الملك به وقد زال الملك بالأولى ، لكن إن تزوجها قبل مجيء الغد تطلق أخرى غدا بنصف الألف لزوال الملك بها ، ولو قال للمدخولة أنت طالق الساعة واحدة رجعية وغدا أخرى بألف فقبلت وقعت في الحال واحدة بلا شيء لوصفها بما ينافي البدل ، فإن الطلاق ببدل لا يكون رجعيا وفي الغد تطلق أخرى بألف لزوال الملك بها لأن الأولى رجعية لا تزيله ، ولو قال : أنت طالق اليوم بائنة وغدا أخرى بألف تقع في الحال بائنة بلا شيء لأن البائن بصريح الإبانة لا يقابله [ ص: 464 ] شيء وغدا أي أخرى بلا شيء ، لأن الملك زال بالأولى لا بها إلا إذا تزوجها قبل مجيء الغد فتقع أخرى بألف لزوال الملك لها .

ولو قال : أنت طالق الساعة واحدة رجعية وغدا أخرى رجعية بألف ينصرف البدل إليهما ، وكذا أنت طالق الساعة ثلاثا وغدا أخرى بائنة بألف ، أو الساعة واحدة بغير شيء وغدا أخرى بغير شيء بألف درهم ينصرف إليهما فتكونان بائنتين لأنه لا بد من إلغاء الوصف المنافي ، أو البدل ، وإلغاء الأول أولى لأن الآخر ناسخ له فتقع واحدة في الحال بنصف الألف وغدا أخرى مجانا إلا إذا تزوجها قبل الغد فتقع الثانية بنصفه ، ولو قال : أنت طالق اليوم واحدة وغدا أخرى رجعية ينصرف البدل إليهما أيضا لأنه وصف الثانية بالمنافي فينصرف البدل إلى الطلقتين ا هـ ملخصا . وقد ذكر في الفتح لذلك أصلا ، وهو أنه متى ذكر طلاقين وذكر عقيبهما مالا يكون مقابلا بهما إلا إذا وصف الأول بما ينافي وجوب المال فيكون المال حينئذ مقابلا بالثاني ، وأنه يشترط للزوم المال حصول البينونة به . ا هـ . وقوله : إلا إذا وصف الأول أي فقط ، فلو وصف بالمنافي كلا منهما ، أو الثاني فقط ، أو لم يصف شيئا منهما بما ينافي يكون المال مقابلا بهما ولا يضر عدم وجوب شيء بالثاني لعارض بينونة سابقة عليه لأن ذلك العارض إذا زال كما إذا تزوجها قبل وقت الثاني يجب المال به أيضا ، وبهذا يسهل فهم هذه المسائل ( قوله : لكن في الزيادات إلخ ) ليس في عبارة القنية والحاوي المنقولة عن الزيادات لفظ " رجعيا " في الموضعين بل في الأول فقط ، والمناسب ما فعله الشارح من ذكره في الموضعين ليوافق ما ذكرناه آنفا ، إذ على ما في القنية لا يكون البدل لهما بل للثاني فقط لزوال الملك به كما مر التصريح به في عبارة الذخيرة وعبارة الفتح ( قوله : لكن يقع إلخ ) هذا غير مذكور في عبارة الزيادات المنقولة في القنية ولا يناسبها أيضا لما علمت نعم هو الصحيح على ما ذكره الشارح ومر التصريح به في عبارة الذخيرة في هذه المسألة فافهم . قال ح : يعني أن في اليوم الأول يقع طلقة بائنة بخمسمائة وفي غد تقع أخرى بخمسمائة إن عقد عليها قبل مجيء الغد وإلا وقعت أخرى بغير شيء . ا هـ .




الخدمات العلمية