الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) الحاضنة ( يسقط حقها بنكاح غير محرمه ) أي الصغير ، وكذا بسكناها عند المبغضين له ; لما في القنية : لو تزوجت الأم بآخر فأمسكته أم الأم في بيت الراب فللأب أخذه .

وفي البحر : قد ترددت فيما لو أمسكته الخالة ونحوها في بيت أجنبي عازبة والظاهر السقوط قياسا على ما مر ، لكن في النهر : والظاهر عدمه للفرق البين بين زوج الأم والأجنبي . قال : والرحم فقط - كابن العم كالأجنبي . [ ص: 566 ] ( وتعود ) الحضانة ( بالفرقة ) البائنة لزوال المانع ، والقول لها في نفي الزوج وكذا في تطليقه إن أبهمته لا إن عينته .

التالي السابق


( قوله : بنكاح غير محرمه ) أي سواء دخل بها ، أو لا ، وكان ينبغي أن يقول : غير محرمه النسبي ، لأن الرضاع كالأجنبي في سقوط حضانتها به رملي .

قلت : ينبغي أنه لو لم يكن للغلام سوى ابني عم تزوجت أمه أحدهما أن لا يسقط حقها لأن الآخر أجنبي مثله فلا فائدة في دفعه إليه بل إبقاؤه عندها أولى . واحترز عما كان زوج الجدة الجد أو زوج الأم ، أو الخالة العم ونحوه . ( قوله : في بيت الراب ) بتشديد الباء اسم فاعل ، من التربية : وهو زوج الأم ، والولد ربيب له . ( قوله : فللأب أخذه ) أي إلا إذا لم يكن لها مسكن وطلبت من الأب أن يسكنها في مسكن فإن السكنى في الحضانة عليه كما مر . ( قوله : للفرق البين إلخ ) استظهر هذا الخير الرملي أيضا بقولهم : إن زوج الأم الأجنبي يطعمه نزرا : أي قليلا ، وينظر إليه شزرا : أي نظر البغض ، وهذا مفقود في الأجنبي عن الحاضنة . قال ح : وفي النفس من هذا الفرق شيء فإن الراب إذا كان كذلك فالأجنبي أولى كما هو المشاهد . ا هـ .

قلت : الأصوب التفصيل ، وهو أن الحاضنة إذا كانت تأكل وحدها وابنها معها فلها حق لأن الأجنبي لا سبيل له عليها ولا على ولدها بخلاف ما إذا كانت في عيال ذلك الأجنبي ، أو كانت زوجة له ، وأنت علمت أن سقوط الحضانة بذلك لدفع الضرر عن الصغير ، فينبغي للمفتي أن يكون ذا بصيرة ليراعي الأصلح للولد ، فإنه قد يكون له قريب مبغض له يتمنى موته ويكون زوج أمه مشفقا عليه يعز عليه فراقه فيريد قريبه أخذه منها ليؤذيه ويؤذيها ، أو ليأكل من نفقته أو نحو ذلك ، وقد يكون له زوجة تؤذيه أضعاف ما يؤذيه زوج أمه الأجنبي وقد يكون له أولاد يخشى على البنت منهم الفتنة لسكناها معهم ، فإذا علم المفتي ، أو القاضي شيئا من ذلك لا يحل له نزعه من أمه لأن مدار أمر الحضانة على نفع الولد ، وقد مر عن البدائع : لو كانت الإخوة والأعمام غير مأمونين على نفسها ، أو مالها لا تسلم إليهم .

وقدمنا في العدة عن الفتح عند قوله إن المختلعة لا تخرج من بيتها في الأصح أن الحق أن على المفتي أن ينظر في خصوص الوقائع ، فإن علم عجزها عن المعيشة إن لم تخرج أفتاها بالحل لا إن علم قدرتها . ( قوله : قال ) أي في النهر ، وأصله للبحر حيث قال : ودخل تحت غير المحرم الرحم الذي ليس بمحرم كابن العم فهو كالأجنبي هنا ا هـ أي فإذا تزوجته سقط حقها ، وأنت خبير بأن هذا مفروض فيما إذا كان مستحق للحضانة أقرب منه . [ ص: 566 ] فلو لم يكن غيره وكان الولد ذكرا يبقى عند أمه ; وكذا لو كان أنثى لا تشتهى ، أو كان مأمونا على ما بحثه في البحر فافهم . ( قوله : البائنة ) أما الرجعية فلا بد من انقضاء العدة فيها نهر ، ومقتضاه العود في البائنة قبل انقضاء العدة مع أنها تعتد في بيت الزوج ، ولعل وجهه ارتفاع ولايته عليها فلا ضرر للولد عنده ، وفي ذلك تأييد لما قدمناه من التفصيل تأمل . قال في الدر المنتقى : وكذا : أي تعود الحضانة لو زالت بجنون وردة ، ثم زال المانع ذكره العيني وغيره فالأحسن : ويعود الحق بزوال مانعه . ا هـ . ( قوله : لزوال المانع ) أي ليس من قبيل عود الساقط حتى يقال إن الساقط لا يعود ، فقولهم يسقط حقها معناه منع منه مانع كقولهم تسقط النفقة بالنشوز ، والولاية بالجنون ثم تعود بزوال ذلك أفاده في النهر ، وقد يقال : إن الساقط لم يعد بل عاد حق جديد لقيام سببه ، بخلاف سقوط الشفعة لأنها حق واحد كما مر فتدبر . ( قوله : والقول لها إلخ ) أي لو ادعى تزوجها وأنكرت فالقول لها ، ولو أقرت به لكنها ادعت الطلاق ، فإن لم تعين الزوج فالقول لها لا إن عينته ، وينبغي أن يكون مع اليمين في الفصلين نهر . ووجه الفرق أن دعواها طلاق المعين لما أبطلها الشرع بدون تصديقه لم يقبل قولها أصلا .




الخدمات العلمية