الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وعفي دون ربع ) جميع بدن و ( ثوب ) ولو كبيرا هو المختار ، ذكره الحلبي ورجحه في النهر على التقدير [ ص: 322 ] بربع المصاب كيد وكم وإن قال في الحقائق وعليه الفتوى ( من ) نجاسة ( مخففة كبول مأكول ) ومنه الفرس ، وطهره محمد ( وخرء طير ) من السباع أو غيرها ( غير مأكول ) وقيل : طاهر وصحح ، ثم الخفة إنما تظهر في غير الماء فليحفظ

التالي السابق


( قوله : دون ) بالرفع نائب فاعل عفي . ( قوله : وثوب ) أي : ونحوه كالخف فإنه يعتبر فيه قدر الربع ، والمراد ربع ما دون الكعبين لا ما فوقهما ; لأنه زائد على الخف ا هـ خانية . ( قوله : ولو كبيرا إلخ ) اعلم أنهم اختلفوا في كيفية اعتبار الربع على ثلاثة أقوال : فقيل ربع طرف أصابته النجاسة ، كالذيل والكم والدخريص إن كان المصاب ثوبا ، وربع العضو المصاب كاليد والرجل إن كان بدنا وصححه في التحفة والمحيط والمجتبى والسراج . وفي الحقائق وعليه الفتوى ، وقيل ربع جميع الثوب والبدن وصححه في المبسوط وهو ما ذكره الشارح ، وقيل : ربع أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة كالمئزر . قال الأقطع : وهذا أصح ما روي فيه ا هـ لكنه قاصر على الثوب ، فقد اختلف التصحيح كما نرى ، لكن ترجح الأول بأن الفتوى عليه ، ووفق في الفتح بين الأخيرين بأن المراد اعتبار ربع الثوب الذي هو عليه سواء كان ساترا لجميع البدن أو أدنى ما تجوز فيه الصلاة . ا هـ . وهو حسن جدا ، ولم ينقل القول الأول أصلا بحر . ( قوله : ورجحه في النهر ) أي : بأنه ظاهر كلام الكنز وبتصحيح المبسوط له ، وبأن المانع هو الكثير الفاحش ، ولا شك أن ربع المصاب ليس كثيرا فضلا عن أن يكون فاحشا . ا هـ .

أقول : تصحيح المبسوط معارض بتصحيح غيره ، والمراد بالكثير الفاحش ما كثر بالنسبة إلى المصاب ; فربع الثوب كثير بالنسبة إلى الثوب ، وربع الذيل أو الكم مثلا كثير بالنسبة إلى الذيل أو الكم ، وكذا ربع أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة كثير بالنسبة إليه كما صرح بذلك في الفتح . ( قوله : وإن قال إلخ ) فيه نظر ; لأن لفظ الفتوى [ ص: 322 ] آكد من لفظ الأصح ونحوه منح ، ومفاده ترجيح القول بربع المصاب وهو مفاد ما مر عن البحر ، لكن اعترضه الخير الرملي بأن هذا القول يؤدي إلى التشديد لا إلى التخفيف فإنه قد لا يبلغ ربع المصاب الدرهم فيلزم جعله مانعا في المخففة مع أنه معفو عنه في المغلظة إذ لو كان المصاب الأنملة من البدن يلزم القول بمنع ربعها على القول بمنع ربع المصاب . ا هـ . وفيه نظر ; لأن مقتضى قولهم كاليد والرجل اعتبار كل من اليد والرجل بتمامه عضوا واحدا فلا يلزم ما قال تأمل . ( قوله : ومنه الفرس ) أي : من المأكول ، وإنما نبه عليه لئلا يتوهم أنه داخل في غير المأكول عند الإمام فيكون مغلظا ; لأن الإمام إنما كره لحمه تنزيها أو تحريما على اختلاف التصحيح ; لأنه آلة الجهاد ، لا لأن لحمه نجس بدليل أن سؤره طاهر اتفاقا كما في البحر . ( قوله : وطهره محمد ) الضمير لبول المأكول الشامل للفرس ح . ( قوله : وصحح ) صححه في المبسوط وغيره وهو رواية الكرخي كما مر ، وروى الهندواني النجاسة وصححه الزيلعي وغيره قال في البحر : والأولى اعتماده لموافقته للمتون ، ولذا قال في الحلية : إنه أوجه . ( قوله : ثم الخفة إنما تظهر في غير الماء ) اقتصر في الكافي على ظهورها في الثياب . قال في البحر : والبدن كالثياب فلذا عمم الشارح ، لكن الظاهر من كلام الكافي الاحتراز عن المائعات لا عن خصوص الماء .

والحاصل أن المائع متى أصابته نجاسة خفيفة أو غليظة وإن قلت تنجس ولا يعتبر فيه ربع ولا درهم ، نعم تظهر الخفة فيما إذا أصاب هذا المائع ثوبا أو بدنا فيعتبر فيه الربع كما أفاده الرحمتي ، واستثنى ح خرء طير لا يؤكل بالنسبة إلى البئر فإنه لا ينجسها لتعذر صونها عنه كما تقدم في البئر




الخدمات العلمية