الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وكذا يكره تطوع عند إقامة صلاة مكتوبة ) أي إقامة إمام مذهبه [ ص: 378 ] لحديث " { إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة } " ( إلا سنة فجر إن لم يخف فوت جماعتها ) ولو بإدراك تشهدها ، فإن خاف تركها أصلا ، وما ذكر من الحيل مردود ، وكذا يكره غير المكتوبة عند ضيق الوقت ( وقبل صلاة العيدين مطلقا ، وبعدها بمسجد لا ببيت ) في الأصح ( وبين صلاتي الجمع بعرفة ومزدلفة ) وكذا بعدهما كما مر ( وعند مدافعة الأخبثين ) أو أحدهما أو الريح ( ووقت حضور طعام تاقت نفسه إليه ، و ) كذا كل ( ما يشغل باله [ ص: 379 ] عن أفعالها ويخل بخشوعها ) كائنا ما كان . فهذه نيف وثلاثون وقتا ، وكذا تكره في أماكن كفوق كعبة وفي طريق ومزبلة ومجزرة [ ص: 380 ] ومقبرة ومغتسل وحمام وبطن واد ومعاطن إبل وغنم [ ص: 381 ] وبقر . زاد في الكافي : ومرابط دواب وإصطبل وطاحون وكنيف وسطوحها ومسيل واد وأرض مغصوبة أو للغير لو مزروعة أو مكروبة وصحراء فلا سترة لمار . ويكره النوم قبل العشاء والكلام المباح بعدها وبعد طلوع الفجر إلى أدائه ، ثم لا بأس بمشيه لحاجته ، وقيل يكره إلى طلوع ذكاء ، وقيل إلى ارتفاعها فيض .

التالي السابق


( قوله : عند إقامة صلاة مكتوبة ) أطلقها مع أنه قيدها في الخانية والخلاصة ، وأقره في الفتح وغيره من الشراح بيوم الجمعة ، وتبعهم في شرح المنية وقال : وأما في غير الجمعة فلا يكره بمجرد الأخذ بالإقامة ما لم يشرع الإمام في الصلاة ويعلم أنه يدركه في الركعة الأولى وكان غير مخالط للصف بلا حائل : والفرق أنه في الجمعة لكثرة الاجتماع لا يمكن غالبا بلا مخالطة للصف ا هـ ملخصا وسيأتي في باب إدراك الفريضة . مطلب في تكرار الجماعة والاقتداء بالمخالف .

( قوله : أي إقامة إمام مذهبه ) قال الشارح في هامش الخزائن : نص على هذا مولانا منلا علي شيخ القراء بالمسجد الحرام في شرحه على لباب المناسك ا هـ وهو مبني على أنه لا يكره تكرار الجماعة في مسجد واحد ، وسيذكر في الأذان ، وكذا في باب الإمامة ما يخالفه . وقد ألف جماعة من العلماء رسائل في كراهة ما يفعل في الحرمين الشريفين وغيرهما من تعداد الأئمة والجماعات ، وصرحوا بأن الصلاة مع أول إمام أفضل ، ومنهم صاحب المنسك المشهور العلامة الشيخ رحمه الله السندي تلميذ المحقق ابن الهمام . فقد نقل عنه العلامة الخير الرملي في باب الإمامة أن بعض مشايخنا سنة إحدى وخمسين وخمسمائة أنكر ذلك منهم الشريف الغزنوي ، وأن بعض المالكية في سنة خمسين وخمسمائة أفتى بمنع ذلك على المذاهب الأربعة ، ونقل عن جماعة من علماء المذاهب إنكار ذلك أيضا ا هـ لكن ألف العلامة الشيخ إبراهيم البيري شارح الأشباه رسالة سماها الأقوال المرضية أثبت فيها الجواز وكراهة الاقتداء بالمخالف ; لأنه وإن راعى مواضع الخلاف لا يترك ما يلزم من تركه مكروه مذهبه : كالجهر بالبسملة ، والتأمين ، ورفع اليدين ، وجلسة الاستراحة ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في القعدة الأولى ، ورؤيته السلام الثاني سنة ، وغير ذلك مما تجب فيه الإعادة عندنا أو تستحب ، وكذا ألف العلامة الشيخ علي القاري رسالة سماها الاهتداء في الاقتداء أثبت فيها الجواز ، لكن [ ص: 378 ] نفى فيها كراهة الاقتداء بالمخالف إذا راعى في الشروط والأركان فقط وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى في باب الإمامة .

( قوله : لحديث إلخ ) رواه مسلم وغيره . قال ط : ويستثنى من عمومه الفائتة واجبة الترتيب فإنها تصلى مع الإقامة .

( قوله : إلا سنة فجر ) لما روى الطحاوي وغيره عن ابن مسعود أنه دخل المسجد وأقيمت الصلاة فصلى ركعتي الفجر في المسجد إلى أسطوانة وذلك بمحضر حذيفة وأبي موسى ، ومثله عن عمر وأبي الدرداء وابن عباس وابن عمر كما أسنده الحافظ الطحاوي في شرح الآثار ، ومثله عن الحسن ومسروق والشعبي شرح المنية .

( قوله : ولو بإدراك تشهدها ) مشى في هذا على ما اعتمده المصنف والشرنبلالي تبعا للبحر ، لكن ضعفه في النهر ، واختار ظاهر المذهب من أنه لا يصلي السنة إلا إذا علم أنه يدرك ركعة وسيأتي في باب إدراك الفريضة ح . قلت : وسنذكر هناك تقوية ما اعتمده المصنف عن ابن الهمام وغيره .

( قوله : تركها أصلا ) أي لا يقضيها قبل الطلوع ولا بعده ; لأنها لا تقضى إلا مع الفرض إذا فات ، وقضى قبل زوال يومها ح .

( قوله : وما ذكر من الحيل ) وهي أن يشرع فيها فيقطعها قبل الطلوع أو يشرع فيها ثم يشرع في الفرض من غير قطعها ثم يقضيها قبل الطلوع .

ورده من وجهين :

الأول أن الأمر بالشروع للقطع قبيح شرعا وفي كل منهما قطع .

والثاني أن فيه فعل الواجب لغيره في وقت الفجر وأنه مكروه كما تقدم ح .

( قوله : وكذا يكره غير المكتوبة ) أل فيه للعهد : أي المكتوبة الوقتية ، فشملت الكراهة النفل والواجب والفائتة ولو كان بينها وبين الوقتية ترتيب ، وكذلك أل في الوقت للعهد : أي الوقت المعهود الكامل وهو المستحب ، لما سيأتي في باب قضاء الفوائت من أن الترتيب يسقط بضيق الوقت المستحب ، ولو قال وكذا يكره غير الوقتية عند ضيق الوقت المستحب لكان أولى ، أفاده ح .

[ تنبيه ] رأيت بخط الشارح في هامش الخزائن : ولو تنفل ظانا سعة الوقت ثم ظهر أنه إن أتم شفعا يفوت الفرض لا يقطع كما لو تنفل ثم خرج الخطيب ، كذا في آخر شرح المنية ا هـ فتأمل .

( قوله : مطلقا ) أي سواء كان في المسجد أو في البيت بقرينة التفصيل في مقابله ح .

( قوله : في الأصح ) رد على من يقول لا يكره في البيت مطلقا سواء كان قبلها أو بعدها ، وعلى من يقول لا يكره بعدها مطلقا سواء كان في المسجد أو في البيت ح .

( قوله : وبين صلاتي الجمع ) أي جمع العصر مع الظهر تقديما في عرفة ، وجمع المغرب مع العشاء تأخيرا في مزدلفة .

( قوله : وكذا بعدهما ) ضمير التثنية راجع إلى صلاتي الجمع الكائن بعرفة فقط لا بمزدلفة أيضا وإن أوهمه كلامه لعدم كراهة النفل بعد صلاتي الجمع بمزدلفة ، ويدل على أن هذا مراده قوله كما مر : أي قريبا في قوله ولو المجموعة بعرفة ، فلو قدم قوله وكذا بعدهما كما مر على قوله ومزدلفة لسلم من الإيهام ، ولو أسقط أصلا لسلم من التكرار ح . وذكر الرحمتي ما يفيد ثبوت الخلاف عندنا في كراهة التنفل بعد صلاتي المغرب والعشاء في المزدلفة ، لكن الذي جزم به في شرح اللباب أنه يصلي سنة المغرب والعشاء والوتر بعدهما وقال كما صرح به مولانا عبد الرحمن الجامي في منسكه تأمل .

( قوله : تاقت نفسه إليه ) أي اشتاقت ح عن القاموس ، وأفهم أنه إذا لم تشتق إليه لا كراهة ، وهو ظاهر ط .

( قوله : وما يشغل باله ) بفتح العين المعجمة . والبال : القلب ، وهذا من عطف العام على الخاص [ ص: 379 ] لشموله للمدافعة وحضور الطعام ، وإنما نص عليهما لوقوع التنصيص عليهما بخصوصهما في الأحاديث ، أفاده في الحلية فافهم .

( قوله : ويخل بخشوعهما ) عطف لازم على ملزوم فافهم . قال ط : ومحل الخشوع القلب ، وهو فرض عند أهل الله تعالى وورد في الحديث أن الإنسان ليس له من صلاته إلا بقدر ما استحضر فيها ، فتارة يكون له عشرها أو أقل أو أكثر . مطلب في إعراب كائنا ما كان .

( قوله : كائنا ما كان ) في هذا التركيب أعاريب ذكرتها في رسالتي المسماة بالفوائد العجيبة في إعراب الكلمات الغريبة أظهرها أن كائنا مصدر الناقصة حال وفيه ضمير يعود على الشاغل هو اسمها وما خبرها وهي نكرة موصوفة بكان التامة : أي حال كون الشاغل شيئا متصفا بصفة الوجود ، والمعنى تعليق الكراهة على أي شاغل وجد ، لا بقيد زائد على قيد الوجود .

( قوله : فهذه نيف وثلاثون وقتا ) النيف بفتح النون وكسر التحتية مشددة وقد تخفف وفي آخره فاء : ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الثاني كما في القاموس ، والمراد هنا ثلاثة وثلاثون على ما يظهر ، وهي : الشروق ، الاستواء ، الغروب ، بعد صلاة فجر أو عصر ، قبل صلاة فجر أو مغرب ، عند الخطب العشرة ، عند إقامة مكتوبة وضيق وقتها ، قبل صلاة عيد فطر وبعدها في مسجد ، وقبل صلاة عيد أضحى ، وبعدها في مسجد بين صلاتي جمع عرفة وبعدهما بين جمع مزدلفة ، عند مدافعة بول أو غائط أو كل منهما أو ريح ، عند طعام يتوقه ، عند كل ما يشغل البال وما بعد نصف الليل لأداء العشاء لا غير ، عند اشتباك نجوم لأداء المغرب فقط

واعلم أنا قدمنا أن النهي في الثلاثة الأول لمعنى في الوقت ، ولهذا أثر في الفرض والنفل وفي البواقي لمعنى في غيره ، ولهذا أثر في النوافل دون الفرائض وما في معناها وبه صرح في العناية وغيرها ، لكن كون النهي في البواقي مؤثرا في النوافل إنما يظهر إذا لم يتعلق بخصوص صلاة الوقت كما في الأخيرين ، فإن المكروه فيهما الصلاة الوقتية فقط دون غيرها ، فإن في تأخير العشاء إلى ما بعد النصف تقليل الجماعة ، وفي تأخير المغرب إلى الاشتباك تشبها باليهود كما صرحوا به وذلك خاص بهما ، وقدمنا أن الصحيح أنه لا كراهة في الوقت نفسه ، وأن الأوجه كما حققه في البحر تبعا للحلية كون الكراهة في كل من التأخير والأداء لا في التأخير فقط فافهم .

( قوله : وكذا تكره إلخ ) لما ذكر الكراهة في الزمان استطرد ذكر الكراهة في المكان ، وإلا فمحل ذلك مكروهات الصلاة .

( قوله : كفوق كعبة إلخ ) أي لما فيه من ترك تعظيمها المأمور به ، وقوله وفي طريق ; لأن فيه منع الناس من المرور وشغله بما ليس له ; لأنها حق العامة للمرور ، ولما رواه ابن ماجه والترمذي عن ابن عمر " { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في سبعة مواطن : وفي المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة الطريق ، وفي الحمام ، [ ص: 380 ] ومعاطن الإبل ، وفوق ظهر بيت الله } " ا هـ . ومعاطن الإبل : مباركها جمع معطن : اسم مكان والمزبلة بفتح الميم مع فتح الباء وضمها : ملقى الزبل والمجزرة بفتح الميم مع فتح الزاي وضمها أيضا : موضع الجزارة أي فعل الجزار أي القصاب إمداد .

( قوله : ومقبرة ) مثلث الباء ح . واختلف في علته ، فقيل لأن فيها عظام الموتى وصديدهم وهو نجس وفيه نظر وقيل لأن أصل عبادة الأصنام اتخاذ قبور الصالحين مساجد ، وقيل لأنه تشبه باليهود ، وعليه مشى في الخانية ، ولا بأس بالصلاة فيها إذا كان فيها موضع أعد للصلاة وليس فيه قبر ولا نجاسة كما في الخانية ولا قبلته إلى قبر حلية .

( قوله : ومغتسل ) أي موضع الاغتسال في بيته تأمل .

( قوله : وحمام ) لمعنيين :

أحدهما أنه مصب الغسالات .

والثاني أنه بيت الشياطين ، فعلى الأول إذا غسل منه موضعا لا تكره ، وعلى الثاني تكره ، وهو الأولى لإطلاق الحديث إلا لخوف فوت الوقت ونحوه إمداد ، لكن في الفيض أن المفتى به عدم الكراهة . وأما الصلاة خارجه أي موضع جلوس الحمامي ، ففي الخانية لا بأس بها . وفي الحلية أنه يتفرع على المعنى الثاني الكراهة خارجه أيضا ، وفيها أيضا : لو هجر الحمام ، قيل يحتمل بقاء الكراهة استصحابا لما كان ، ويحتمل زوالها ; لأن الشيطان كان يألفه لما فيه من كشف العورات ونحو ذلك والأول أشبه ، ولو لم يسق إليه الماء ولم يستعمل فالأشبه عدمها ; لأنه مشتق من الحميم : وهو الماء الحار ولم يوجد فيه . وعليه لو اتخذ دارا للسكن كهيئة الحمام لم تكره الصلاة أيضا . ا هـ . مطلب تكره الصلاة في الكنيسة

[ تنبيه ] يؤخذ من التعليل بأنه محل الشياطين كراهة الصلاة في معابد الكفار ; لأنها مأوى الشياطين كما صرح به الشافعية . ويؤخذ مما ذكروه عندنا ، ففي البحر من كتاب الدعوى عند قول الكنز : ولا يحلفون في بيت عباداتهم . وفي التتارخانية يكره للمسلم الدخول في البيعة والكنيسة ، وإنما يكره من حيث إنه مجمع الشياطين لا من حيث إنه ليس له حق الدخول ا هـ قال في البحر : والظاهر أنها تحريمية ; لأنها المرادة عند إطلاقهم ، وقد أفتيت بتعزير مسلم لازم الكنيسة مع اليهود ا هـ فإذا حرم الدخول فالصلاة أولى ، وبه ظهر جهل من يدخلها لأجل الصلاة فيها .

( قوله : وبطن واد ) أي ما انخفض من الأرض ، فإن الغالب احتواؤه على نجاسة يحملها إليه السيل أو تلقى فيه ط .

( قوله : ومعاطن إبل وغنم ) كذا في الأحكام للشيخ إسماعيل عن الخزانة السمرقندية ، ثم نقل عن الملتقط أنها لا تكره في مرابض الغنم إذا كان بعيدا عن النجاسة . وفي الحلية قال صلى الله عليه وسلم " { صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل } " رواه الترمذي وقال حسن صحيح . وأخرج أبو داود " { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مبارك الإبل ؟ فقال : لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم فقال : صلوا فيها فإنها خلقت من بركة } " وأخرجه مسلم مختصرا . ومعاطن الإبل : وطنها ثم غلب على مبركها حول الماء . والأولى الإطلاق كما هو ظاهر الحديث . ومرابض الغنم : مواضع مبيتها . ا هـ . والظاهر أن معنى كون الإبل من الشياطين أنها خلقت على صفة تشبههم من النفور والإيذاء ، فلا يأمن المصلي من أن تنفر وتقطع عليه صلاته كما قاله بعض الشافعية أي فيبقى باله مشغولا خصوصا حال سجوده ، وبهذا فارقت الغنم . ويظهر من التعليل أنه لا كراهة في معاطن الإبل الطاهرة حال غيبتها . [ ص: 381 ]

[ تنبيه ] استشكل بعضهم التعليل بأنها خلقت من الشياطين بما ثبت { أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يصلي النافلة على بعيره } . وفرق بعضهم بين الواحد وكونها مجتمعة بما طبعت عليه من النفار المفضي إلى تشويش القلب بخلاف الصلاة على المركوب منها . ا هـ . شبراملسي على شرح المنهاج للرملي .

( قوله : وبقر ) لم أر من ذكره عندنا ، نعم ذكر بعض الشافعية أن نحو البقر كالغنم ، وخالفه بعضهم .

( قوله : ومرابط دواب إلخ ) ذكر هذه السبعة في الحاوي القدسي .

( قوله : وإصطبل ) موضع الخيل ، وعطفه على ما قبله من عطف الخاص على العام ط .

( قوله : وطاحون ) لعل وجهه شغل البال بصوتها تأمل .

( قوله : وسطوحها ) يحتمل عود الضمير على الأربعة المذكورة أو على الكنيف وحده ، وأنثه باعتبار البقعة المعدة لقضاء الحاجة ، ولعل وجهه أن السطوح له حكم ما تحته من بعض الجهات و كسطوح المسجد .

( قوله : ومسيل واد ) يغني عنه قوله وبطن واد ; لأن المسيل يكون في بطن الوادي غالبا ط . مطلب في الصلاة في الأرض المغصوبة ودخول البساتين وبناء المسجد في أرض الغصب .

( قوله : وأرض مغصوبة أو للغير ) لا حاجة إلى قوله أو للغير إذ الغصب يستلزمه ، اللهم إلا أن يراد الصلاة بغير الإذن وإن كان غير غاصب ، أفاده أبو السعود ط . وعبارة الحاوي القدسي : والأرض المغصوبة ، فإن اضطر بين أرض مسلم وكافر يصلي في أرض المسلم إذا لم تكن مزروعة . فلو مزروعة أو لكافر يصلي في الطريق ا هـ أي لأن له في الطريق حقا كما في مختارات النوازل ، وفيها : تكره في أرض الغير لو مزروعة أو مكروبة إلا إذا كانت بينهما صداقة أو رأى صاحبها لا يكرهه فلا بأس . ا هـ .

[ تنبيه ] نقل سيدي عبد الغني عن الأحكام لوالده الشيخ إسماعيل أن النزول في أرض الغير ، إن كان لها حائط أو حائل يمنع منه وإلا فلا ، والمعتبر فيه العرف ا هـ قال يعني عرف الناس بالرضا وعدمه ، فلا يجوز الدخول في أيام الربيع إلى بساتين الوادي بدمشق إلا بإذن أصحابها ، فما يفعله العامة من هدم الجدران وخرق السياج فهو أمر منكر حرام . ثم قال : وفي شرح المنية للحلبي : بنى مسجدا في أرض غصب لا بأس بالصلاة فيه . وفي الواقعات بنى مسجدا على سور المدينة لا ينبغي أن يصلي فيه ; لأنه من حق العامة فلم يخلص لله تعالى كالمبني في أرض مغصوبة ا هـ ثم قال : ومدرسة السليمانية في دمشق مبنية في أرض المرجة التي وقفها السلطان نور الدين الشهيد على أبناء السبيل بشهادة عامة أهل دمشق والوقف يثبت بالشهرة ، فتلك المدرسة خولف في بنائها شرط وقف الأرض الذي هو كنص الشارع ، فالصلاة فيها مكروهة تحريما في قول ، وغير صحيحة له في قول آخر كما نقله في جامع الفتاوى ، وكذا ماؤها مأخوذ من نهر مملوك ، ومن هذا القبيل حجرة اليمانيين في الجامع الأموي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . ا هـ .

( قوله : بلا سترة لمار ) أي ساتر يستر المار عن المصلي وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى في باب ما يفسد الصلاة وما يكره ح .

( قوله : ويكره النوم إلخ ) قدمنا الكلام عليه .

( قوله : إلى ارتفاعها ) أي قدر رمح أو رمحين




الخدمات العلمية