الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن باع إناء فضة بفضة أو بذهب ونقد بعض ثمنه ) في المجلس ( ثم افترقا صح فيما قبض واشتركا في الإناء ) لأنه صرف ( ولا خيار للمشتري ) لتعيبه من قبله بعدم نقده ( بخلاف هلاك أحد العبدين قبل القبض ) فيخير لعدم صنعه ( وإذا استحق بعضه ) أي الإناء ( أخذ المشتري ما بقي بقسطه أو رد ) لتعيبه بغير صنعه . قلت : ومفاده تخصيص استحقاقه بالبينة لا بإقراره ، فليحرر ( فإن أجاز المستحق قبل فسخ الحاكم العقد جاز العقد ) اختلفوا متى ينفسخ البيع إذا ظهر الاستحقاق ، وظاهر الرواية أنه لا ينفسخ ما لم يفسخ وهو الأصح فتح - [ ص: 264 ] ( وكان الثمن له يأخذه البائع من المشتري ويسلمه له إذا لم يفترقا بعد الإجازة ويصير العاقد وكيلا للمجيز فيعلق أحكام العقد به دون المجيز ) حتى يبطل العقد بمفارقة العاقد دون المستحق جوهرة .

التالي السابق


( قوله : صح فيما قبض ) لوجود شرط الصرف فيه نهر . ( قوله : لأنه صرف ) هذا علة العلة ; لأن علة الاشتراك بطلان البيع فيما لم يقبض ; لأنه صرف أو هو علة لقوله صح فيما قبض وما بعده ، والمراد أنه صرف كله في الهداية . قال في الكفاية : فصح فيما وجد شرطه وبطل فيما لم يوجد ، بخلاف مسألتي الجارية مع الطوق والسيف مع الحلية فإن كل واحدة منهما صرف وبيع فإذا نقد بدل الصرف صح في الكل . ( قوله : لتعيبه من قبله ) أي لتعيب الإناء بعيب الشركة من جهة المشتري بصنعه بسبب عدم نقده كل الثمن قبل الافتراق . ( قوله : فيخير ) أي في أخذ الباقي . ( قوله : وإذا استحق بعضه ) أي وقد كان نقد كل الثمن . ( قوله : لتعيبه بغير صنعه ) لأن عيب الاشتراك كان موجودا عند البائع مقارنا للعقد . ( قوله : ومفاده ) أي مفاد التعليل المذكور ( قوله لا بإقراره ) أي لو ادعى المستحق بعض الإناء فأقر له به المشتري لا يخير ; لأن الشركة ثبتت بصنعه . ولا يخفى أن النكول عن اليمين إن كان من البائع فهو كالبينة ، وإن كان من المشتري فهو في حكم الإقرار منه ; ولذا لا يرجع بالثمن على بائعه إذا نكل ، كما لو أقر كما مر في بابه . ( قوله : اختلفوا إلخ ) فإنه قيل إن العقد ينفسخ بقضاء القاضي للمستحق بالاستحقاق وهو رواية الخصاف ، وقيل لا ما لم يرجع المشتري على بائعه ، وقيل ما لم يأخذ المستحق العين ، وقيل ما لم يقض على البائع بالثمن . وفي الهداية أنه ظاهر الرواية ، وقدمنا تحرير الكلام على ذلك والتوفيق بينه وبين ما نقله عن الفتح فراجعه في أول باب الاستحقاق ، وأشار الشارح إلى أن ما مشى عليه المصنف أحسن مما في البحر عن السراج حيث قال فإن أجاز المستحق قبل أن يحكم له بالاستحقاق ، فإن مفهومه أنه ليس له الإجازة بعد الحكم بالاستحقاق لانفساخ العقد [ ص: 264 ] بالحكم ، وهذه رواية الخصاف كما علمت ، وهي خلاف ظاهر الرواية .

( قوله : وكان الثمن له ) أي للمستحق ; لأن البائع كان فضوليا في بيع ما استحقه المستحق وتوقف على إجازته قبل الفسخ ، فإذا أجاز نفذ العقد وكان الثمن له . ( قوله : إذا لم يفترقا ) أي البائع والمشتري ، وهذا متعلق بقوله جاز العقد . ( قوله : بعد الإجازة ) كذا في البحر عن السراج مع أن الذي في الجوهرة وهي للحدادي صاحب السراج قبل الإجازة ، ويؤيده قوله في السراج والجوهرة حتى لو افترق العاقدان قبل إجازة المستحق بطل العقد ، وإن فارقه المستحق قبل الإجازة والمتعاقدان باقيان في المجلس صح العقد ا هـ .

والحاصل أن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة فيصير هذا الفضولي بعد الإجازة كأنه كان وكيلا بالبيع قبلها فإن حصل التقابض بينه وبين المشتري قبل الافتراق نفذ العقد بالإجازة اللاحقة ، وإن افترقا قبل التقابض لا ينفذ العقد بها ; لأنه لو كان وكيلا حقيقة قبل العقد يفسد بالافتراق بلا قبض فكيف إذا صار وكيلا بالإجازة اللاحقة ؟ ثم إذا حصل التقابض قبل الافتراق والإجازة ثم أجاز نفذ العقد وإن افترقا بعد ، أما إذا أجاز قبل الافتراق والتقابض ، فلا بد من التقابض بعدها قبل الافتراق لفساد العقد بالافتراق بدون تقابض وإن أجاز قبله ، وعلى هذا يحمل كلام المصنف .




الخدمات العلمية