الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولاية بيع التركة المستغرقة بالدين للقاضي لا للورثة ) لعدم ملكهم [ ص: 417 ] حيث كان الدين لغيرهم

التالي السابق


مطلب في بيع التركة المستغرقة بالدين

( قوله : ولاية بيع التركة المستغرقة بالدين للقاضي لا للورثة ) هذا مقيد بما إذا لم تتفق الورثة على أداء الدين كله من مالهم لما في الثامن والعشرين من جامع الفصولين لو أرادت الورثة أداء دينه لتبقى تركته لهم فاتفقوا عليه وتحملوا قضاء دينه وإنفاذ وصاياه من مالهم ، فلهم ذلك ولو اختلفوا فللوصي بيعها لدينه ووصاياه . ولا يلتفت إلى قولهم ثم قال وجاز لأحد الورثة استخلاص العين من التركة بأداء قيمته إلى الغرماء لا إلى الوارث الآخر ا هـ وقوله : بأداء قيمته إلخ قال الرملي في حاشيته : عليه هذا إذا لم يكن الدين زائدا ; لأنه ذكر قبله أن الدين لو كان زائدا على التركة فلهم استخلاصها بأداء دينه كله لا بقدر تركته كقن جنى يفديه مولاه بأرشه .

( قوله : لا للورثة ) أي إلا برضا الغرماء . حتى لو باع الوارث أي بدون رضا الغرماء لا ينفذ ، وكذلك المولى إذا حجر على العبد المأذون وعليه دين محيط ليس للمولى أن يبيع العبد وما في يده ، وإنما يبيعه القاضي كذا هذا منح عن العمادية ، ثم ذكر عن القنية قولين ثانيهما : أن القاضي إنما يبيع التركة المستغرقة لقضاء الدين إذا امتنع الورثة عن بيعها ، ولم يحك ترجيحا ، لكن اقتصاره في المتن على القول الأول تبعا للدرر يفيد ترجيحه ، وحكى القولين في التتارخانية ، والبزازية أيضا .

ورأيت بخط شيخ مشايخنا منلا علي التركماني ما نصه أقول فلذا القضاة الآن يأذنون لبعض ورثة الميت المستغرقة تركته بالدين ببيعها لوفاء دينه توفيقا بين القولين وعملا بهما . [ تنبيه ]

لم يذكر بيع الوصي ، وفي جامع الفصولين يصح بيع الوصي تركة مستغرقة لو بقيمتها وليس للغرماء إبطاله .

( قوله : لعدم ملكهم ) قال في جامع الفصولين : ولو استغرقها دين لا يملكها بإرث إلا إذا أبرأ الميت غريمه أو أداه وارثه بشرط التبرع وقت الأداء أما لو أداه من مال نفسه مطلقا بلا شرط تبرع أو رجوع يجب له دين على الميت ، فتصير التركة مشغولة بدينه فلا يملكها حتى لو ترك ابنا وقنا ، ودينه مستغرق فأداه وارثه ثم أذن للقن في التجارة أو كاتبه لم يصح إذا لم يملكه ا هـ . وتمام الكلام على ذلك في المنح . مطلب دفع الورثة كرما من التركة إلى أحدهم ليقضي دين مورثهم فقضاه يصح ( تنبيه )

قيد بالتركة المستغرقة ; لأن غيرها ملك للورثة وفي جامع الفصولين : عليه دين غير مستغرق فللحاضر من ورثته بيع حصته لحصته من الدين لا بيع حصة غيره للدين ; لأنها ملك الوارث الآخر ; إذ الدين لم يستغرق فلو دفعت الورثة إلى أحدهم كرما من التركة ليقضي دين مورثهم وهو غير مستغرق فقضاه صح ; لأنه بيع منهم لحصتهم [ ص: 417 ] منه بقدر الدين ; لأنهم لو دفعوه إلى أجنبي لأداء الدين يكون بيعا كذا هذا .

( قوله : حيث كان الدين لغيرهم ) قال في جامع الفصولين : استغراق التركة بدين الوارث لا يمنع إرثه إذا كان هو وارثه لا غير ا هـ ومفاده أنه لو كان الدين لبعض الورثة فهو كدين الأجنبي بالنسبة إلى باقي الورثة . [ تنبيه ]

ذكر الخير الرملي في حاشية الفصولين أن قوله هنا لا يمنع إرثه لا ينافي ما مر آنفا من أن الوارث لو أدى دين الغريم بلا شرط تبرع لا يملكها ; لأنه يثبت له الرجوع بأداء الدين بعد أن لم يكن له ملك فلا يملك القن إلا بتمليك القاضي بخلاف الاستغراق بدينه ابتداء ; إذ لا مانع يمنعه من الملك ا هـ .




الخدمات العلمية