الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبقي من الفروض تمييز المفروض ، وترتيب القيام على الركوع ، [ ص: 450 ] والركوع على السجود ، والقعود الأخير على ما قبله وإتمام الصلاة ، والانتقال من ركن إلى آخر ومتابعته لإمامه في الفروض وصحة صلاة إمامه في رأيه ، وعدم تقدمه عليه ، وعدم مخالفته في الجهة ، وعدم تذكر فائتة وعدم محاذاة امرأة بشرطهما ، وتعديل الأركان عند الثاني والأئمة الثلاثة

قال العيني : وهو المختار وأقره المصنف [ ص: 451 ] وبسطناه في الخزائن .

التالي السابق


( قوله تمييز المفروض ) فسره ط بأن يميز السجدة الثانية عن الأولى بأن يرفع ولو قليلا ، أو يكون إلى القعود أقرب قولان مصححان . ونقل الشرنبلالي أصحية الثاني ، وفسره ح بأن المراد بالتمييز تمييز ما فرض عليه من الصلوات عما لم يفرض عليه ، حتى لو لم يعلم فرضية الخمس إلا أنه كان يصليها في وقتها لا يجزيه ; ولو علم أن البعض فرض والبعض سنة ونوى الفرض في الكل ، أو لم يعلم ونوى صلاة الإمام عند اقتدائه في الفرض جاز ; ولو علم الفرض دون ما فيه من فرائض وسنن جازت صلاته أيضا كذا في البحر ; فليس المراد المفروض من أجزاء كل صلاة أي بأن يعلم أن القراءة فيها فرض وأن التسبيح سنة وهكذا خلافا لما يوهمه ما في متن نور الإيضاح وإن كان في شرحه فسره بما يرفع الإيهام .

أقول : كان ينبغي للشارح عدم ذكره ذلك كما فعل في الخزائن لأنه على التفسير الأول يكون بمعنى افتراض السجدة الثانية لأنها لا تتحقق بدون رفع ، وقد مر ذكر السجود . وعلى التفسير الثاني يرجع إلى اشتراط التعيين في النية ، وقد صرح به في بحث النية ( قوله وترتيب القيام على الركوع إلخ ) أي تقديمه عليه ، حتى لو ركع ثم قام لم يعتبر ذلك الركوع ، فإن ركع ثانيا صحت صلاته لوجود الترتيب المفروض ولزمه سجود السهو لتقديمه الركوع [ ص: 450 ] المفروض ، وكذا تقديم الركوع على السجود ; حتى لو سجد ثم ركع ، فإن سجد ثانيا صحت لما قلنا ، وقوله والقعود الأخير إلخ أي يفترض إيقاعه بعد جميع الأركان ; حتى لو تذكر بعده سجدة صلبية سجدها وأعاد القعود وسجد للسهو ، ولو ركوعا قضاه مع ما بعده من السجود ، أو قياما أو قراءة صلى ركعة كما حرره في البحر ، وكان الأولى أن يقول وترتيب القعود إلخ كما فعل في الخزائن ، ليعلم أنه فرض آخر .

ولأن الترتيب فيه بمعنى التأخير عكس ما قبله ولم يذكر تقديم القراءة على الركوع لأنه سيذكره في الواجبات ، وسيأتي هناك تمام الكلام على ذلك كله ( قوله وإتمام الصلاة والانتقال إلخ ) قال في الفتح : وقد عد من الفرائض إتمامها والانتقال من ركن إلى ركن ، قيل لأن النص الموجب للصلاة يوجب ذلك إذ لا وجود للصلاة بدون إتمامها وذلك يستدعي الأمرين . ا هـ . والظاهر أن المراد بالإتمام عدم القطع ، وبالانتقال المذكور الانتقال عن الركن للإتيان بركن بعده إذ لا يتحقق ما بعده إلا بذلك . وأما الانتقال من ركن إلى آخر بلا فاصل بينهما فواجب ، حتى لو ركع ثم ركع يجب عليه سجود السهو لأنه لم ينتقل من الفرض وهو الركوع إلى السجود بل أدخل بينهما أجنبيا وهو الركوع الثاني كما في شرح المنية ، وينبغي إبدال الركن بالفرض كما عبر في المنية ليشمل الانتقال من السجود إلى القعدة بناء على ما استظهره من أنها شرط لا ركن زائد ، لكن قدمنا ترجيح خلافه فافهم ، ثم إن عد الإتمام والانتقال المذكورين من الفروض يغني عنه ما ذكره المصنف من الفروض .

( قوله ومتابعته لإمامه في الفروض ) أي بأن يأتي بها معه أو بعده ، حتى لو ركع إمامه ورفع فركع هو بعده صح ، بخلاف ما لو ركع قبل إمامه ورفع ثم ركع إمامه ولم يركع ثانيا مع إمامه أو بعده بطلت صلاته ، فالمراد بالمتابعة عدم المسابقة ، نعم متابعته لإمامه بمعنى مشاركته له في الفرائض معه لا قبله ولا بعده واجبة كما سيذكره في الفصل الآتي عند قوله واعلم أن مما يبتنى على لزوم المتابعة إلخ ، واحترز بالفروض عن الواجبات والسنن ، فإن المتابعة فيها ليست بفرض فلا تفسد الصلاة بتركها ( قوله وصحة صلاة إمامه في رأيه ) لأن العبرة لرأي المأموم صحة وفسادا على المعتمد ; فلو اقتدى بشافعي مس ذكره أو امرأة صحت لا لو خرج منه دم ط وسيأتي بيانه في باب الوتر .

( قوله وعدم تقدمه عليه ) أي بالعقب ، فيصدق بما لو حاذاه أو تأخر عنه وإلا فسدت ( قوله وعدم مخالفته في الجهة ) على تقدير مضاف أي عدم علمه مخالفة إمامه في الجهة حالة التحري والشرط عدم العلم في وقت الاقتداء ، حتى لو لم يعلم إلا بعد تمام الصلاة صحت كما مر في محله ، وقيدنا بحالة التحري لأنه يجوز مخالفته لجهة إمامه قصدا في داخل الكعبة أو خارجها ، كما لو حلقوا حولها . مطلب قصدهم بإطلاق العبارات أن لا يدعي علمهم إلا من زاحمهم عليه

قال الرحمتي : وأطلق اعتمادا على ما تقدم ويأتي كما هو عادتهم في الإطلاق اعتمادا على التقييد في محله . قال في البحر : وقصدهم بذلك أن لا يدعي علمهم إلا من زاحمهم عليه بالركب ، وليعلم أنه لا يحصل إلا بكثرة المراجعة وتتبع عباراتهم والأخذ عن الأشياخ ا هـ فافهم ( قوله بشرطهما ) أما الأولى ، فهو أن يكون صاحب ترتيب وفي الوقت سعة .

وأما الثاني ، فهو أن تكون المحاذاة في صلاة مطلقة مشتركة تحريمة وأداء ونوى الإمام إمامتها على ما سيأتي ح : والشرط وإن وقع في كلامه مفردا إلا أنه مضاف فيعم أبو السعود ( قوله وتعديل الأركان ) سيأتي تفسيره عند [ ص: 451 ] ذكره له في واجبات الصلاة ( قوله وبسطناه في الخزائن ) حيث قال بعد قوله وهو المختار . قلت : لكنه غريب لم أر من عرج عليه . والذي رجحه الجم الوجوب وحمل في الفتح وتبعه في البحر قول الثاني على الفرض العملي فيرتفع الخلاف قلت : أنى يرتفع وقد صرح في السهو بفساد الصلاة بتركه عنده خلافا لهما فتنبه ا هـ وهو مأخوذ من النهر .

أقول : والذي دعا صاحب البحر إلى هذا الحمل هو التقصي عن إشكال قوي ، وهو أن أبا يوسف أثبت الفرضية بحديث المسيء صلاته وهو خبر آحاد ، والدليل القطعي أمر بمطلق الركوع والسجود ، فيلزم الزيادة على النص الخاص بخبر الواحد وأبو يوسف لا يقول به ، وإذا حمل قوله بفرضية تعديل الأركان على الفرض العملي الذي هو أعلى قسمي الواجب اندفع الإشكال وارتفع الخلاف . ويرد عليه ما علمته . وبيانه أن الفرض العملي هو الذي يفوت الجواز بفوته كتقدير مسح الرأس بالربع فيلزم فساد الصلاة بترك التعديل المذكور عند أبي يوسف وهما لا يقولان به ، فالخلاف باق ، ويلزم الزيادة على النص أيضا لأن مقتضى النص الاكتفاء بمسمى ركوع وسجود فالإشكال باق أيضا ، لكن أجاب بعض المحققين عن الإشكال بجواب حسن ذكرته فيما علقته على البحر ، وهو أن المراد بالركوع والسجود في الآية عندهما معناهما اللغوي ، وهو معلوم لا يحتاج إلى البيان . فلو قلنا بافتراض التعديل لزم الزيادة على النص بخبر الواحد . وعند أبي يوسف معناهما الشرعي وهو غير معلوم فيحتاج إلى البيان .




الخدمات العلمية