الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وجاز أخذ دين على كافر من ثمن خمر ) لصحة بيعه ( بخلاف ) دين على ( المسلم ) لبطلانه إلا إذا وكل ذميا ببيعه فيجوز عنده خلافا لهما وعلى هذا لو مات مسلم وترك ثمن خمر باعه مسلم لا يحل لورثته كما بسطه الزيلعي وفي الأشباه الحرمة تنتقل [ ص: 386 ] مع العلم إلا للوارث إلا إذا علم ربه .

قلت : ومر في البيع الفاسد لكن في المجتبى مات وكسبه حرام فالميراث حلال ثم رمز وقال لا نأخذ بهذه الرواية وهو حرام مطلقا على الورثة فتنبه .

التالي السابق


( قوله من ثمن خمر ) بأن باع الكافر خمرا وأخذ ثمنها وقضى به الدين ( قوله لصحة بيعه ) أي بيع الكافر الخمر ، لأنها مال متقوم في حقه فملك الثمن فيحل الأخذ منه بخلاف المسلم لعدم تقومها في حقه فبقي الثمن على ملك المشتري ( قوله باعه مسلم ) عدل عن قول الزيلعي باعه هو ليشمل ما إذا كان البائع هو المسلم الميت أو مسلم غيره بالوكالة عنه ( قوله كما بسطه الزيلعي ) حيث قال لأنه كالمغصوب وقال في النهاية : قال بعض مشايخنا : كسب المغنية كالمغصوب لم يحل أخذه ، وعلى هذا قالوا لو مات الرجل وكسبه من بيع الباذق أو الظلم أو أخذ الرشوة يتورع الورثة ، ولا يأخذون منه شيئا وهو أولى بهم ويردونها على أربابها إن عرفوهم ، وإلا تصدقوا بها لأن سبيل الكسب الخبيث التصدق إذا تعذر الرد على صاحبه ا هـ لكن في الهندية عن المنتقى عن محمد في كسب النائحة ، وصاحب طبل أو مزمار ، لو أخذ بلا شرط ، ودفعه المالك برضاه فهو حلال ومثله في المواهب وفي التتارخانية وما جمع السائل من المال فهو خبيث ( قوله وفي الأشباه إلخ ) قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتاب المنن : وما نقل عن بعض الحنفية من أن الحرام لا يتعدى إلى ذمتين سألت عنه الشهاب ابن الشلبي فقال : هو محمول على ما إذا لم يعلم بذلك ، أما من رأى المكاس يأخذ من أحد شيئا من المكس ، ثم يعطيه آخر ثم يأخذه من ذلك الآخر فهو حرام ا هـ . [ ص: 386 ] وفي الذخيرة : سئل أبو جعفر عمن اكتسب ماله من أمر السلطان والغرامات المحرمة ، وغير ذلك هل يحل لمن عرف ذلك أن يأكل من طعامه ؟ قال : أحب إلي في دينه أن لا يأكل ويسعه حكما إن لم يكن غصبا أو رشوة ا هـ وفي الخانية : امرأة زوجها في أرض الجور إذا أكلت من طعامه ، ولم يكن عينه غصبا أو اشترى طعاما أو كسوة من مال أصله ليس بطيب فهي في سعة من ذلك والإثم على الزوج ا هـ حموي ( قوله مع العلم ) أما بدونه ففي التتارخانية اشترى جارية أو ثوبا ، وهو لغير البائع فوطئ أو لبس ، ثم علم روي عن محمد أن الجماع واللبس حرام إلا أنه وضع عنه الإثم ، وقال أبو يوسف ، الوطء حلال مأجور عليه ، وعلى الخلاف لو تزوج ووطئها فبان أنها منكوحة الغير ( قوله إلا إذا علم ربه ) أي رب المال فيجب على الوارث رده على صاحبه ( قوله وهو حرام مطلقا على الورثة ) أي سواء علموا أربابه أو لا فإن علموا أربابه ردوه عليهم ، وإلا تصدقوا به كما قدمناه آنفا عن الزيلعي .

أقول : ولا يشكل ذلك بما قدمناه آنفا عن الذخيرة والخانية لأن الطعام أو الكسوة ليس عين المال الحرام فإنه إذا اشترى به شيئا يحل أكله على تفصيل تقدم في كتاب الغصب بخلاف ما تركه ميراثا فإنه عين المال الحرام وإن ملكه بالقبض والخلط عند الإمام فإنه لا يحل له التصرف فيه أداء ضمانه ، وكذا لوارثه ثم الظاهر أن حرمته على الورثة في الديانة لا الحكم فلا يجوز لوصي القاصر التصدق به ويضمنه القاصر إذا بلغ تأمل ( قوله فتنبه ) أشار به إلى ضعف ما في الأشباه ط .




الخدمات العلمية