الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
كتاب الرهن مناسبته أن كلا من الرهن والصيد سبب لتحصيل المال . ( هو ) لغة : حبس الشيء . وشرعا ( حبس شيء مالي ) أي جعله محبوسا لأن الحابس هو المرتهن [ ص: 478 ] بحق يمكن استيفاؤه ) أي أخذه ( منه ) كلا أو بعضا كأن كان قيمة المرهون أقل من الدين ( كالدين ) كاف الاستقصاء لأن العين لا يمكن استيفاؤها من الرهن إلا إذا صار دينا حكما كما سيجيء ( حقيقة ) وهو دين واجب ظاهرا وباطنا أو ظاهرا فقط كثمن عبد أو خل وجد حرا أو خمرا ( أو حكما ) كالأعيان ( المضمونة بالمثل أو القيمة )

( كما سيجيء ) كونه .

التالي السابق


كتاب الرهن هو مشروع ، لقوله تعالى - { فرهان مقبوضة } - وبما روي { أنه عليه الصلاة والسلام اشترى من يهودي طعاما ورهنه به درعه } وانعقد عليه الإجماع .

ومن محاسنه النظر لجانب الدائن بأمن حقه عن التوى ، ولجانب المديون بتقليل خصام الدائن له وبقدرته على الوفاء منه إذا عجز .

وركنه الإيجاب فقط أو هو والقبول كما يجيء .

وشروطه تأتي .

وحكمه ثبوت يد الاستيفاء .

وسببه تعلق البقاء المقدر ، وإنما خص بالسفر في الآية ، لأن الغالب أنه لا يتمكن فيه من الكتابة والاستشهاد فيستوثق بالرهن ( قوله هو لغة حبس الشيء ) أي بأي سبب كان .

قال تعالى - { كل نفس بما كسبت رهينة } - أي محبوسة ، ويطلق على المرهون تسمية للمفعول بالمصدر ، يقال رهنت الرجل شيئا ورهنته عنده وأرهنته لغة فيه والجمع رهان ورهون ورهن .

والرهين والرهينة الرهن أيضا ، والتركيب دال على الثبات والدوام .

والراهن : المالك ، والمرتهن : آخذ الرهن ( قوله أي جعله محبوسا ) قال في إيضاح الإصلاح : هو جعل الشيء محبوسا بحق ، لم يقل حبس الشيء بحق لأن الحابس هو المرتهن لا الراهن ، بخلاف الجاعل إياه محبوسا ا هـ ح وهذا تعريف للرهن التام أو اللازم ، وإلا ففي انعقاد الرهن لا يلزم الحبس بل ذلك بالقبض ا هـ سعدي . قال القهستاني : والمتبادر أن يكون الحبس على وجه التبرع ، فلو أكره المالك بالدفع إليه [ ص: 478 ] لم يكن رهنا كما في الكبرى فلا عليه ذكر الإذن كما ظن ا هـ .

وسيأتي آخر الباب الآتي أنه لو أخذ عمامة المديون تكون رهنا إن رضي بتركها ( قوله بحق ) أي بسبب حق مالي ولو مجهولا .

واحترز به عن نحو القصاص والحد واليمين قهستاني ، ودخل فيه بدل الكتابة فإن الرهن به جائز وإن لم تجز به الكفالة كما في المعراج عن الحانية ( قوله يمكن استيفاؤه ) أي استيفاء هذا الحق منه : أي من الرهن بمعنى المرهون : واحترز به عما يفسد كالثلج ، وعن نحو الأمانة والمدبر وأم الولد والمكاتب .

قال في الشرنبلالية : وأما الخمر فهو مال أيضا .

ويمكن الاستيفاء منه بتوكيل ذمي يبيعه أو بنفسه إن كان المرتهن والراهن من أهل الذمة ا هـ لكنه ليس بمال متقوم في حق المسلم ، فلا يجوز له رهنه ولا ارتهانه من مسلم أو ذمي وإن ضمنه للذمي كما يأتي في الباب الآتي ( قوله كلا أو بعضا ) تمييزان من هاء استيفاؤه الراجعة إلى الحق الذي هو الدين ا هـ ح فهما محولان عن المضاف إليه المفعول في المعنى إذ الأصل استيفاء كله أو بعضه ، وفيما ذكره الشارح جواب عن القهستاني لا يتناول ما كان أقل من الدين فافهم . ( قوله كالدين ) تمثيل للحق ( قوله كاف الاستقصاء ) خبر مبتدأ محذوف ، يعني أنها ليست للتمثيل ببعض الأفراد إذ ليس المراد هنا سوى الدين ، والداعي إلى هذا جعل المصنف الدين شاملا للعين ، أما لو أطلقه أمكن جعل الكاف للتمثيل ، بأن يراد بالدين الدين حقيقة ( قوله كما سيجيء ) أي قريبا في قوله أو حكما ( قوله وجد حرا أو خمرا ) لف ونشر مرتب ; وكثمن ذبيحة وبدل صلح عن إنكار وإن وجدت ميتة أو تصادقا على أن لا دين ، لأن الدين وجب ظاهرا ، وهو كاف لأنه آكد من دين موعود كما سيأتي درر أي فالرهن مضمون .

وذكر القدوري أنه لا شيء بهلاكه : كما لو رهن بالحر والخمر ابتداء .

ونص محمد في المبسوط والجامع أن المقبوض بحكم رهن فاسد مضمون بالأكل من قيمته ومن الدين .

والمختار قول محمد كما في الاختيار أبو السعود ملخصا ( قوله كالأعيان المضمونة بالمثل أو القيمة ) ويقال لها المضمونة بنفسها لقيام المثل أو القيمة مقامها كالمغصوب ونحوه مما سيجيء .

واحترز به عن المضمونة بغيرها كمبيع في يد البائع فإنه مضمون بغيره وهو الثمن ، وعن غير المضمونة أصلا كالأمانات .

فالرهن بهذين باطل وسماها دينا حكما لأن الموجب الأصلي فيها هو القيمة أو المثل ، ورد العين مخلص إن أمكن ردها على ما عليه الجمهور وذلك دين .

وأما على ما عليه البعض فإنه وإن كانت القيمة لا تجب إلا بعد الهلاك ولكنها تجب عند الهلاك بالقبض السابق ، وتمامه في الهداية والزيلعي ( قوله كما سيجيء ) أي في الباب الآتي




الخدمات العلمية