الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل فيما يوجب القود وما لا يوجبه ( يجب القود ) أي القصاص ( بقتل كل محقون الدم ) بالنظر لقاتله درر ، وسيتضح عند قوله وقتل القاتل أجنبي ( على التأبيد عمدا ) وهو المسلم والذمي لا المستأمن والحربي ( بشرط كون القاتل مكلفا ) لما تقرر أنه ليس لصبي ومجنون عمد . في البزازية : حكم عليه بقود فجن قبل دفعه للولي انقلب دية . من يجن ويفيق قتل في إفاقته قتل ، فإن جن بعده ، إن مطبقا سقط ، وإن غير مطبق قتل قتل عبد مولاه عمدا لا رواية فيه . وقال أبو جعفر : يقتل . قتل عبد الوقف عمدا لا قود فيه . [ ص: 533 ] قتل ختنه عمدا وبنته في نكاحه سقط القود ا هـ ( و ) بشرط ( انتفاء الشبهة ) كولاد أو ملك أو أعم كقوله : اقتلني فقتله ( بينهما ) كما سيجيء

التالي السابق


فصل فيما يوجب القود وما لا يوجبه ( قوله محقون الدم ) الحقن هو المنع : قال في المغرب حقن دمه إذا منعه أن يسفك . واحترز به عن مباح الدم كالزاني المحصن والحربي والمرتد ، والمراد الحقن الكامل ، فمن أسلم في دار الحرب فقد صار محقون الدم على التأبيد ، ولا يقتص من قاتله هناك ; لأن كمال الحقن بالعصمة المقومة والمؤثمة وبالإسلام حصلت المؤثمة دون المقومة ; لأنها تحصل بدار الإسلام ، أفاده في الكفاية ( قوله بالنظر لقاتله ) أي لا مطلقا ، فإنه لو قتل القاتل عمدا أجنبي عن المقتول يقتص من الأجنبي القاتل إن قتله الأجنبي عمدا . قال الواني والظاهر أن هذا أعم من أن يكون قبل الحكم أو بعده لاحتمال عفو الأولياء بعد الحكم ا هـ ط ( قوله على التأبيد ) احترز به عن المستأمن . ولا يشكل على هذا الحد قتل المسلم ابنه المسلم عمدا حيث لا يقتص منه ، ; لأن القصاص واجب في الأصل لكن انقلب مالا بشبهة الأبوة وذلك عارض ، والكلام في الأصل ولهذا كان الابن شهيدا بهذا القتل فلا يغسل ، وكذا قتل عبد الوقف عمدا فإنه لا يجب القود كما يأتي ; لأن القود هو الموجب الأصلي وانقلب مالا لعارض مراعاة نفع الوقف ا هـ ط عن المكي ملخصا ( قوله لما تقرر إلخ ) سيأتي تقريره قبيل فصل الجنين ( قوله انقلب دية ) أي ولا قصاص عليه استحسانا . ولو جن بعد الدفع له قتله ; لأن شرط وجوب القصاص عليه كونه مخاطبا حالة الوجوب وذلك بالقضاء ويتم بالدفع ، فإذا جن قبل الدفع تمكن الخلل في الوجوب فصار كما لو جن قبل القضاء والولوالجية ( قوله من يجن ) بالبناء للمفعول ويفيق من أفاق ط ومن مبتدأ وقتل الأول مبني للفاعل حال أو شرط لأداة شرط محذوفة وقتل الثاني مبني للمفعول خبر بمعنى يحكم بقتله ( قوله فإن جن بعده ) أي بعد ما قتل في إفاقته ، والظاهر بأن يقيد بما إذا كان جنونه قبل القضاء والدفع أخذا مما قبله فليتأمل ( قوله إن مطبقا ) بأن كان شهرا أو سنة على اختلافهم فيه والولوالجية ( قوله سقط ) أي القصاص ( قوله وإن غير مطبق قتل ) يعني بعد الإفاقة كما في الولوالجية وغيرها ( قوله وقال أبو جعفر يقتل ) وهذا تقدم صريحا عند قول المتن وجنايته على الراهن والمرتهن معتبرة .

وقال الحموي ; لأن القصاص من جهة الآدمية وهو فيها أجنبي عن المولى سائحاني ( قوله لا قود فيه ) بل ينقلب مالا لكونه أنفع للوقف كما تقدم عن المكي وفي الشرنبلالية : لعل وجه اشتباه من له حق [ ص: 533 ] القصاص ; لأن الوقف حبس العين على ملك الواقف عند الإمام وعندهما على حكم ملك الله تعالى ولم يتعرض لما يلزم القاتل ولعله القيمة فلينظر ا هـ . أقول : قال في وقف البحر . ولا يخفى أنه تجب قيمته ، كما لو قتل خطأ ويشتري بها المتولي عبدا ويصير وقفا كما لو قتل المدبر خطأ ، وأخذ المولى قيمته فإنه يشتري بها عبدا ويصير مدبرا ، وقد صرح به في الذخيرة ا هـ ( قوله قتل ختنه ) الختن : هو كل من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ هكذا عند العرب ، وعند العامة زوج ابنته مغرب ، والمراد هنا الثاني ( قوله سقط القود ) ; لأنها ورثت قصاصا على أبيها ا هـ ح .

أقول : بل قد ثبت لها ابتداء لا إرثا كما أورده الشارح على صدر الشريعة فيما سيأتي عند قول المصنف ، ويسقط قود ورثه على أبيه ( قوله أو أعم كقوله اقتلني ) هذا سقط من بعض النسخ ، وفي بعضها أو أمر بدل قوله أو أعم وهو أولى ، وسيأتي آخر الفصل أنه تجب الدية في ماله في الصحيح ( قوله كما سيجيء ) أي من المسائل الثلاث في هذا الفصل متنا




الخدمات العلمية