الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وقنت فيه ) ويسن الدعاء المشهور ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 7 ] به يفتى وصح الجد بالكسر بمعنى الحق ، ملحقة بمعنى لاحق ، ونحفد بدال مهملة بمعنى نسرع ، فإن قرأ بذال معجمة فسدت خانية كأنه كلمة مهملة ( مخافتا على الأصح مطلقا ) ولو إماما ، لحديث { خير الدعاء الخفي } .

التالي السابق


( قوله وقنت فيه ) أي في الوتر أو الضمير إلى ما قبل الركوع .

واختلف المشايخ في حقيقة القنوت الذي هو واجب عنده ; فنقل في المجتبى أنه طول القيام دون الدعاء ، وفي الفتاوى الصغرى العكس ، وينبغي تصحيحه بحر . قال في المغرب : وهو المشهور ، وقولهم دعاء القنوت إضافة بيان ا هـ ومثله في الإمداد . ثم القنوت واجب عنده سنة عندهما كالخلاف في الوتر كما في البحر والبدائع ، لكن ظاهر ما في غرر الأفكار عدم الخلاف في وجوبه عندنا ، فإنه قال : القنوت عندنا واجب . وعند مالك مستحب . وعند الشافعي من الأبعاض . وعند أحمد سنة تأمل .

( قوله ويسن الدعاء المشهور ) قدمنا في بحث الواجبات التصريح بذلك عن النهر . وذكر في البحر عن الكرخي أن القنوت ليس فيه دعاء مؤقت لأنه روي عن الصحابة أدعية مختلفة ولأن المؤقت من الدعاء يذهب برقة القلب . وذكر الإسبيجابي أنه ظاهر الرواية . وقال بعضهم : المراد ليس فيه دعاء مؤقت ما سوى : اللهم إنا نستعينك . وقال بعضهم : الأفضل التوقيت ورجحه في شرح المنية تبركا بالمأثور ا هـ .

والظاهر أن القول الثاني والثالث متحدان ، وحاصلهما تقييد ظاهر الرواية بغير المأثور كما يفيده قول الزيلعي . وقال في المحيط والذخيرة : يعني من غير قوله اللهم إنا نستعينك إلخ واللهم اهدنا إلخ ا هـ فلفظ يعني بيان لمراد محمد في ظاهر الرواية ، فلا يكون هذا القول خارجا عنها ، ولذا قال في شرح المنية : والصحيح أن عدم التوقيت فيما عدا المأثور لأن الصحابة اتفقوا عليه ولأنه ربما يجري على اللسان ما يشبه كلام الناس إذا لم يؤقت ثم ذكر اختلاف الألفاظ الواردة في اللهم إنا نستعينك إلخ . ثم ذكر أن الأولى أن يضم إليه اللهم اهدني إلخ وأن ما عدا هذين فلا توقيت فيه ، ومنه ما عن ابن عمر " أنه كان يقول بعد عذابك الجد بالكفار ملحق : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، وألف بين قلوبهم ، وأصلح ذات بينهم ، وانصرهم على عدوك وعدوهم . اللهم العن كفرة الكتاب الذين يكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك . اللهم خالف بين كلمتهم ، وزلزل أقدامهم ، وأنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين " ومنه ما أخرجه الأربعة وحسنه الترمذي { أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول في آخر وتره : اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك ، من عقوبتك ، وأعوذ [ ص: 7 ] بك منك ، لا أحصى ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك } وغير ذلك من الأدعية التي لا تشبه كلام الناس . ومن لا يحسن القنوت يقول { ربنا آتنا في الدنيا حسنة } الآية . وقال أبو الليث يقول : اللهم اغفر لي يكررها ثلاثا ، وقيل يقول : يا رب ثلاثا ، ذكره في الذخيرة . ا هـ .

أقول : هذا يفيد أن ما في البحر من قوله ذكر الكرخي أن مقدار القيام في القنوت مقدار سورة { إذا السماء انشقت } وكذا ذكر في الأصل ا هـ بيان للأفضل ، أو هو مبني على القول بأن القنوت الواجب هو طول القيام لا الدعاء تأمل .

هذا ، وذكر في الحلية أن ما مر من أنه صلى الله عليه وسلم { كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك } إلخ . جاء في بعض روايات النسائي { أنه كان يقوله إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه } .

( قوله وصح الجد ) قال في الحلية والجد في { إن عذابك الجد } ثابت في رواية الطحاوي . وفي البحر أنه ثابت في مراسيل أبي داود ، وبه اندفع قول الشمني في شرح النقاية إنه لا يقوله .

( قوله وملحق بمعنى لاحق ) مبتدأ ، وخبر وهو بكسر الحاء ، هذا هو المشهور ونص غير واحد على أنه الأصح ، ويقال بفتحها ذكره ابن قتيبة وغيره . ونص الجوهري على أنه صواب ، كذا في الحلية . قلت : بل في القاموس الفتح أحسن ، أو الصواب تأمل . ( قوله بمعنى لاحق ) أي إنه من ألحق المزيد بمعنى لحق المجرد . وفي الشرنبلالية أن المطرزي صحح أن المراد ملحق الفساق بالكفار الأول أولى احترازا عن الإضمار ، وتمامه فيها .

قلت : ولعل ما صححه المطرزي ، وهو صاحب المغرب تلميذ الزمخشري وشيخ صاحب القنية بناه على مذهبهم الفاسد مذهب الاعتزال ، من أن عصاة المؤمنين مخلدون في النار كالكفار ( قوله كأنه لأنه كلمة مهملة ) كذا في البحر ، لكن فيه أنه ورد في { صفة البراق له جناحان يحفذ بهما } " أي يستعين على السير ط ( قوله على الأصح ) كذا في المحيط . وفي الهداية أنه المختار ، ومقابله ما في الذخيرة واستحسنوا الجهر في بلاد العجم للإمام ليتعلموا ، وفصل بعضهم بين أن يعلمه القوم فالأفضل للإمام الإخفاء وإلا فالجهر . ا هـ .

قلت : هذا التفصيل لا يخرج عما قبله . وفي المنية من اختار الجهر اختاره دون القراءة .

( قوله ولو إماما ) قال في الخزائن إماما كان أو مؤتما أو منفردا ، أداء أو قضاء ، في رمضان أو غيره .

( قوله لحديث إلخ ) أفاد أن المخافتة ليست واجبة ط




الخدمات العلمية