الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل يحرم شراء زكاته نص عليه ، وهو أشهر ، قال صاحب المحرر : صرح جماعة من أصحابنا وأهل الظاهر بأن البيع باطل ، واحتج أحمد [ رحمه الله ] بقوله عليه السلام { لا تشتر ولا تعد في صدقتك } ولأنه وسيلة إلى استرجاع شيء منها ; لأنه يسامحه رغبة أو رهبة ، وعنه : يكره [ ص: 646 ] اختاره القاضي وغيره ( و م ش ) لشراء ابن عمر ، وهو راوي الحديث ، وعنه : يباح ( و هـ ) كما لو ورثها ، نص عليه ( و ) للخبر ، وعلله جماعة بأنه بغير فعله ، فيؤخذ منه : أن ما كان بفعله كالبيع ( و ش ) ونصوص أحمد إنما هي في الشراء ، وصرح في رواية علي بن سعيد أن الهبة كالميراث ، ونقل حنبل : ما أراد أن يشتريه فلا ، إذا كان شيء جعله لله فلا يرجع فيه وتأتي رواية أبي طالب وغيره ، واحتج صاحب المحرر لصحة الشراء بأنه يصح أن يأخذها من دينه وبهبة ووصية ، فبعوض أولى ، وظاهر كلام أحمد : سواء اشتراها ممن أخذها منه أو من غيره ، وهو ظاهر الخبر ، وقاله الشافعية ، ونقله أبو داود في فرس جميل ، وظاهر التعليل بأنه يسامحه يقتضي الفرق ، ولهذا قال في الرعاية : وقيل ممن أخذها منه ، وكذا ظاهر كلامهم أن النهي يختص بها ، ونقل حنبل : وما أراد أن يشتريه أو شيئا من نتاجه فلا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم { لا تشترها ولا شيئا من نسلها } نهى عمر عن ذلك ، ولم أجد في حديث عمر النهي عن شراء نسلها .

                                                                                                          وروى أحمد : حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سليمان يعني التيمي عن أبي عثمان ، عن عبد الله بن عامر ، عن الزبير بن العوام أن رجلا حمل على فرس يقال له غمرة أو غمراء قال . فوجد فرسا أو مهرا يباع ، فنسب إلى تلك الفرس ، فنهى عنها . أبو عثمان هو النهدي الإمام ، فالظاهر روايته عن معروف ، قال بعضهم : لعله ابن عامر بن ربيعة الثقة المشهور ، ورواه ابن ماجه من حديث يزيد ، [ ص: 647 ] والصدقة كالزكاة ، وجزم به جماعة ، نقل أبو طالب وغيره : إذا تصدق بصدقة لا يرجع فيها ، إنما يرجع بالميراث ، ونقل حنبل : لا يجوز أن يعود في صدقته . واحتج بقوله عليه السلام : { لا ترجع ولا تشترها ، كل ما كان من صدقة فهذا سبيله } فإن رجع بإرث جاز ، وظاهر كلامهم له الأكل منه ، ونقل ابن الحكم فيمن يتصدق على قريبه بدار أو غلام أو شيء : إن أكل منه قبل أن يرثه فلا ، قال عمران بن حصين : لا أجيزه له .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية