الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويكره صوم الحامل والمرضع مع خوف الضرر على أنفسهما أو على الولد ، ويجزئ ( و ) فإن أفطرتا قضتا ( و ) لقدرتهما عليه ، بخلاف الكبير ، قال أحمد : أقول بقول أبي هريرة ، يعني لا بقول ابن عمر وابن عباس في منع القضاء . وخبر أنس بن مالك الكعبي { إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحبلى والمرضع الصوم } أي زمن عذرهما وذكر ابن عقيل في النسخ : إن خافت حامل ومرضع على حمل وولد حال الرضاع لم يحل الصوم وعليها الفدية . وإن لم تخف لم يحل الفطر . ولا إطعام إن خافتا على أنفسهما ( و ) كالمريض . وذكر بعضهم رواية : إن خافتا على ولديهما أطعمتا عن كل يوم مسكينا ما يجزئ في الكفارة ، لظاهر قوله { وعلى الذين يطيقونه فدية } ولأنه قول أبي هريرة وابن عمر وابن عباس ، [ ص: 35 ] ولا يعرف لهم مخالف ، ولأنه إفطار بسبب نفس عاجزة عن الصوم من طريق الخلقة كالشيخ الهم ( و ش ) وله قول : لا إطعام ( و هـ م ر ) ، وقول ثالث : لا تطعم الحامل ( و م ر ) وخيرهما إسحاق بين القضاء والإطعام لشبههما بمريض وكبير . ويجوز الفطر للظئر التي ترضع ولد غيرها ، ذكره الأصحاب ، لأن السبب المبيح يسوى فيه ، كالسفر لحاجته ولحاجة غيره .

                                                                                                          وفي الرعاية قول : لا تفطر الظئر إذا خافت على رضيعها ، وحكاه في الفنون عن قوم . وإن قبل ولد المرضعة غيرها وقدرت تستأجر له أو له ما تستأجر منه فلتفعل ولتصم وإلا كان لها الفطر ، ذكره صاحب المحرر ، والإطعام على من يمونه .

                                                                                                          وقال في الفنون : يحتمل أنه على الأم ، وهو أشبه ، لأنه تبع لها ، ولهذا وجب كفارة واحدة ، ويحتمل أنه بينها وبين من تلزمه نفقته من قريب أو من ماله ، لأن الإرفاق لهما ، وكذلك الظئر ، فإن لم تفطر فتغير لبنها أو نقص خير المستأجر . فإن قصدت الإضرار أثمت وكان للحاكم إلزامها الفطر بطلب المستأجر ، ذكره ابن الزاغوني .

                                                                                                          وقال أبو الخطاب : إن تأذى الصبي بنقصه أو تغييره لزمها الفطر ، فإن أبت فلأهله الفسخ . ويؤخذ من هذا أن يلزم الحاكم إلزامها بما يلزمها وإن لم تقصد الضرر بلا طلب قبل الفسخ ، وهذا متجه . ويجوز صرف الإطعام إلى مسكين واحد جملة واحدة ، وظاهر كلامهم إخراج الإطعام على الفور ، لوجوبه ، وهذا أقيس ، وذكر [ ص: 36 ] صاحب المحرر : إن أتى به مع القضاء جاز ، لأنه كالتكملة له . ولا يسقط الإطعام بالعجز ، ذكره في المستوعب ، وهو ظاهر كلام أحمد ، اختاره صاحب المحرر ، كالدين ، وذكر ابن عقيل والشيخ : يسقط ، وذكر القاضي وأصحابه وجزم به في المحرر : يسقط في الحامل والمرضع ، ككفارة الوطء ، بل أولى ، للعذر هنا ، ولا تسقط عن الكبير والمأيوس ، لأنها بدل عن نفس الصوم الواجب الذي لا يسقط بالعجز ، فكذا بدله . وكذا إطعام من أخر قضاء رمضان وغيره غير كفارة الجماع .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية