الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده ، نص عليه ، اختاره الأكثر منهم القاضي في أكثر كتبه ، لفعله عليه السلام ، وأقوال الصحابة وفعلهم رضي الله عنهم ، وعنه . لا يجوز بنية بعد الزوال ، اختاره في المجرد وابن عقيل ( و هـ ق ) لأن فعله عليه السلام إنما هو في الغداء ، وهو قبل الزوال ، ومذهب مالك وداود هو كالفرض ، تسوية بينهما ، كالصلاة والحج . ويحكم بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية ، نقله أبو طالب ، قال صاحب المحرر : وهو قول جماعة من أصحابنا منهم القاضي في المناسك من تعليقه ، واختاره الشيخ وغيره ، وهو أظهر .

                                                                                                          وفي المجرد والهداية من أول النهار ، واختاره صاحب المحرر وفاقا للحنفية وأكثر الشافعية ، وقالهحماد وإسحاق إن نواه قبل الزوال ، فعلى الأول يصح تطوع حائض طهرت وكافر أسلم في يوم ولم يأكلا بصوم بقية اليوم ، وعلى الثاني لا ، لامتناع تبعيض صوم اليوم وتعذر تكميله بفقد الأهلية في بعضه ، ويتوجه : يحتمل أن لا يصح عليهما ، لأنه لا يصح منهما صوم ، كمن أكل ثم نوى صوم بقية يومه ( و ) وخالف فيه أبو زيد الشافعي ، وإنما لم يصح لعدم حصول حكمة الصوم ، ولأن عادة المفطر الأكل بعض النهار وإمساك بعضه ، { وقوله عليه السلام في عاشوراء : من كان أكل فليصم بقية يومه } أي ليمسك ، لقوله في لفظ آخر " فليمسك " وإمساكه [ ص: 44 ] واجب إن كان صومه واجبا . وإلا استحب لمن أكل ثم علم به إمساكه ، للخبر ، وذكره القاضي وتبعه صاحب المحرر . ومن نوى الإفطار أفطر ، نص عليه ( و ش و م ) وزاد في رواية : يكفر إن تعمده ، لاقتضاء الدليل اعتبار استدامة حقيقة النية . وإنما اكتفى بدوامه حكما للمشقة ولا مشقة هنا ، والحج آكد ، وعند ابن حامد وبعض المالكية وبعض الشافعية : لا يبطل صومه كالحج ، مع بطلان الصلاة عندهم ، ومذهب ( هـ ) لا يبطل سواء قطع النية قبل الزوال وبعده لقوة الدوام ، وقولنا : أفطر ، أي صار كمن لم ينو لا كمن أكل ، فلو كان في نفل ثم عاد نواه جاز ، نص عليه ( و ش ) وكذا لو كان في نذر أو كفارة أو قضاء فقطع نيته ثم نوى نفلا جاز ، ولو قلب نية نذر وقضاء إلى النفل فكمن انتقل من فرض صلاة إلى نفلها ، وعلى المذهب : لو تردد في الفطر ، أو نوى أنه سيفطر ساعة أخرى أو إن وجدت طعاما أكلت وإلا أتممت ، فكالخلاف في الصلاة ، قيل : يبطل لأنه لم يجزم بالنية ، ولهذا لا يصح ابتداء الصوم بمثل هذه النية ، وكمن تردد في الكفر ، نقل الأثرم : لا يبطل ، لأنه لم يجزم بنية الفطر ، والنية لا يصح تعليقها ( م 3 ) [ والله سبحانه وتعالى أعلم ] .

                                                                                                          [ ص: 44 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 44 ] ( مسألة 3 ) قوله . ومن نوى الإفطار أفطر ، نص عليه فعليه : لو تردد [ ص: 45 ] في الفطر ، أو نوى أنه سيفطر ساعة أخرى ، أو إن وجدت طعاما أكلت وإلا أتممت ، فكالخلاف في الصلاة ، قيل : يبطل ، لأنه لم يجزم بالنية نقل الأثرم : لا يجزئه من الواجب حتى يكون عازما على الصوم يومه كله ، وقيل : لا يبطل ، لأنه لم يجزم بنية الفطر ، والنية لا يصح تعليقها ، انتهى . وأطلقهما الزركشي .

                                                                                                          وقال المصنف هنا : إن الحكم هنا كالحكم طفي نية الصلاة ، وقد أطلق المصنف الخلاف في الصلاة فيما إذا تردد في النية أو عزم على فسخها . وتقدم الكلام على ذلك مستوفى محررا ، وذكرنا أن الصحيح عدم الصحة ، فكذا الصحيح هنا عدم الصحة ، والله أعلم ، فهذه ثلاث مسائل في هذا الباب قد صححت .




                                                                                                          الخدمات العلمية