الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن قبل أو لمس أو باشر دون الفرج فإن لم يخرج منه شيء فيأتي فيما يكره للصائم ، وإن أمنى أفطر ( و ) للإيماء في أخبار التقبيل ، كذا ذكره الشيخ وغيره ، وهي دعوى ، ثم إنما فيها أنها قد [ ص: 50 ] تكون وسيلة وذريعة إلى الجماع ، واحتج صاحب المحرر بأن إباحة الله تعالى مطلق مباشرة النساء ليالي الصوم يدل على التحريم نهارا ، والأصل في التحريم الفساد ، خرج منه المباشرة بلا إنزال ، لدليل ، كذا قال ، والمراد بالمباشرة الجماع ، كما روي عن ابن عباس وغيره ، يؤيده أنه هو الذي كان محرما ثم نسخ ، لا ما دونه ، مع أن الأشهر لا يحرم ما دونه ، ويتوجه احتمال : لا يفطر بذلك ، وقاله داود ، وإن صح إجماع قبله كما قد ادعى تعين القول به ، وعن أبي يزيد الضبي عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت { : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل قبل امرأته وهما صائمان ، قال : قد أفطرا } رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني وقال : لا يثبت هذا . وأبو يزيد مجهول . وإن مذى بذلك أفطر أيضا ، نص عليه ( و م ) واختار الآجري وأبو محمد الجوزي وأظن وشيخنا : لا يفطر ، وهو أظهر ( و هـ ش ) عملا بالأصل ، وقياسه على المني لا يصح ، لظهور الفرق .

                                                                                                          وفي الرعاية قول : يبطل بالمباشرة دون الفرج فقط ، كذا قال . وإن استمنى فأمنى أو مذى فكذلك على الخلاف وفاقا ، وإن كرر النظر فأمنى أفطر ( هـ ش ) خلافا للآجري ، وإن مذى لم يفطر في ظاهر المذهب ( م ) والقول بالفطر أقيس على المذهب ، كاللمس ، لأن الضعيف إذا تكرر قوي ، كتكرار الضرب بصغير في القود ، وإن لم يكرر النظر لم يفطر ( و هـ ش ) لعدم إمكان التحرز . وقيل : يفطر ( و م ) ونص أحمد [ ص: 51 ] يفطر بالمني لا بالمذي : وكذا الأقوال إن فكر فأنزل أو مذى ، فلهذا قال ابن عقيل : مذهب أحمد ومالك سواء ، لدخول الفكر تحت النهي ، وظاهر كلامه لا يفطر ( م ) وهو أشهر ، لأنه دون المباشرة وتكرار النظر ، ويخالف ذلك في التحريم إن تعلق بأجنبية ، زاد صاحب المغني : أو الكراهة إن كان في زوجة ، كذا قالوا . ولا أظن من قال يفطر به وهو أبو حفص البرمكي وابن عقيل يسلم ذلك ، وقد نقل أبو طالب عن أحمد : لا ينبغي فعله ، وسيأتي إن شاء الله فيما يكره للصائم ، وفي الكفارة عن مالك روايتان ، والمراد النية المجردة ، والله أعلم . وقد ذكر ابن عقيل أنه لو استحضر عند جماع زوجته صورة أجنبية محرمة أو ذكر أنه يأثم ، وذكره في الرعاية أول كتاب النكاح . ولا فطر ولا إثم بفكر غالب ( و ) وفي الإرشاد احتمال فيمن هاجت شهوته فأمنى أو مذى يفطر ، وذكر صاحب المحرر قول أبي حفص المذكور ثم قال : وذكره ابن أبي موسى احتمال . ويفطر بالموت فيطعم من تركته في نذر وكفارة .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية