الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن قال لمن عليه قود : عفوت عن جنايتك أو عنك ، برئ من الدية ، كالقود ، نص عليه ، وقيل : إن قصدها ، وقيل : إن ادعى قصد القود فقط قبل وإلا برئ . وفي الترغيب : إن قلنا موجبه أحد شيئين بقيت الدية ، في أصح الروايتين ، وإن عفا مجروح عمدا أو خطأ صح ، كعفو وارثه بعد موته ، وعنه : في القود إن كان الجرح لا قود فيه لو برأ ، وعنه : لا يصح عن الدية .

                                                                                                          وفي الترغيب وجه : يصح بلفظ الإبراء لا الوصية ، وفيه يخرج في السراية في النفس روايات : الصحة ، وعدمها ، والثالثة : يجب النصف بناء على أن صحة العفو ليس بوصية ، ويبقى ما قابل السراية لا يصح الإبراء عنه .

                                                                                                          قال : وذهب ابن أبي موسى إلى صحته في العمد ، وفي الخطإ من ثلاثة ، فعلى الأول إن قال : عفوت عن هذا الجرح أو الضربة ، فعنه : يضمن السراية بقسطها من الدية [ ص: 670 ] إن لم يقل ، وما يحدث [ منها ] كعفوه على مال ، وعنه لا ، كعفوه عن الجناية ( م 1 ) وإن قصد بالجناية الجرح ففيه على الأولى وجهان ( م 2 ) وتقدم قوله في عفوت إلى مال أو دون سرايتها ، ويصح من مجروح : أبرأتك من دمي ونحوه معلقا بموته ، فلو برأ بقي حقه ، بخلاف : عفوت عنك ونحوه . ولا يصح عفوه عن قود شجة لا قود فيها ، ومن صح عفوه [ ص: 671 ] فإن أوجب الجرح مالا عينا فكوصية ، وإلا فمن رأس المال لا من ثلثه ، على الأصح ، لأن الدية لم تتعين قال في المغني : ولذلك صح عفو المفلس مجانا ، مع أنه هو في غير موضع ، وجماعة لم يصححوه إن قيل يجب أحد شيئين .

                                                                                                          [ ص: 670 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 670 ] باب العفو عن القصاص

                                                                                                          ( مسألة 1 ) قوله : فعلى الأول إن قال عفوت عن هذا الجرح أو الضربة ، فعنه : يضمن السراية بقسطها من الدية إن لم يقل ، وما يحدث كعفوه على مال ، وعنه : لا ، كعفوه عن الجناية ، انتهى .

                                                                                                          يعني إذا عفا المجروح عمدا أو خطأ وقلنا يصح وأطلقهما في المحرر .

                                                                                                          ( إحداهما ) يضمن السراية بقسطها من الدية والحالة هذه ( قلت ) : وهو الصواب ، لأن إرادة العفو عما يحدث مشكوك فيه ، والأصل عدم الإرادة .

                                                                                                          ( والرواية الثانية ) لا يضمن السراية ، قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير .

                                                                                                          ( مسألة 2 ) قوله : وإن قصد بالجناية الجرح ففيه على الأولى وجهان ، انتهى .

                                                                                                          [ الوجه الأول : يقبل قوله ] قال في المحرر : فلو قال عفوت عن هذه الجناية فلا شيء في السراية ، رواية واحدة ، لا إذا قال : أردت بالجناية الجراحة نفسها دون سرايتها ، وقلنا بالرواية الثانية في التي قبلها فإنه يقبل منه مع يمينه ، وقيل : لا يقبل ، انتهى .

                                                                                                          فقدم قبول قوله ، وقدمه أيضا في النظم ، وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير ، وهو الصواب .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) لا يقبل قوله ، فهاتان مسألتان في هذا الباب .




                                                                                                          الخدمات العلمية