الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وذكر ابن عقيل ، إن نام على سطحه فهوي سقفه من تحته على قوم لزمه المكث ، كما قاله المحققون فيمن ألقى في مركبه نار ، ولا يضمن ما تلف بسقوطه لأنه ملجأ لم يتسبب ، وإن تلف شيء بدوام مكثه أو بانتقاله ضمنه ، واختار ابن عقيل في التائب العاجز عن مفارقة المعصية في الحال أو العاجز عن إزالة أثرها .

                                                                                                          كمتوسط المكان المغصوب ، ومتوسط الجرحى ، تصح توبته مع العزم والندم ، وأنه ليس عاصيا بخروجه من الغصب ومنه توبته بعد رمي السهم أو الجرح ، وتخليصه صيد الحرم من الشرك ، وحمله المغصوب لربه يرتفع الإثم بالتوبة والضمان باق بخلاف ما لو كان ابتداء الفعل غير محرم ، كخروج مستعير من دار انتقلت عن المعير ، وخروج من أجنب بمسجد ونزع مجامع طلع عليه الفجر ، فإنه غير آثم اتفاقا .

                                                                                                          ونظير المسألة توبة مبتدع لم يتب من أصله ، تصح ، وعنه : لا .

                                                                                                          اختاره ابن شاقلا ، وكذا توبة القاتل قد تشبه هذا وتصح على الأصح .

                                                                                                          وحق الآدمي لا يسقط إلا بالأداء إليه ، وكلام ابن عقيل يقتضي ذلك : فإنه شبهه بمن تاب من قتل أو إتلاف مع بقاء أثر ذلك ، لكنه قال : إن [ ص: 12 ] توبته في هذه المواضع تمحو جميع ذلك ، ثم ذكر أن الإثم واللائمة والمعتبة تزول عنه من جهة الله سبحانه وجهة المالك ، ولا يبقى إلا حق الضمان للمالك .

                                                                                                          قال شيخنا : هذا ليس بصحيح ; لأن التائب بعد الجرح أو وجوب القود ليس كالمخطئ ابتداء ، فرقت الشريعة بين المعذور ابتداء وبين التائب في أثنائه وأثره .

                                                                                                          وأبو الخطاب منع أن حركات الغاصب للخروج طاعة ، بل معصية ، فعلها لدفع أكثر الغصبين بأقلهما ، والكذب لدفع قتل إنسان ، والقول الثالث هو الوسط ، وكذا القول فيمن أضل غيره معتقدا أنه مضل ، ومن لا يرى أنه إضلال فكالكافر الداعية يتوب ، ذكره شيخنا .

                                                                                                          وذكر جده أن الخارج من الغصب ممتثل من كل وجه ، إن جاز الوطء لمن قال إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا ، وفيها روايتان ، وإلا توجه لنا أنه عاص من وجه ممتثل من وجه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية