الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن عزم على الفسخ أو تردد فوجهان ( م 1 - 2 ) [ ص: 395 ] لا بعزمه على محظور ( و ) والوجهان إن شك : هل نوى فعمل معه عملا ثم ذكر ( م 3 ) قال ابن حامد : يبني ، لأن الشك لا يزيل حكم النية .

                                                                                                          وقال القاضي : تبطل لخلوه عن نية معتبرة .

                                                                                                          وقال صاحب المحرر : إن كان العمل قولا لم تبطل كتعمد زيادته ، ولا يعتد به ، وإن كان فعلا بطلت ، لعدم جوازه ، كتعمده في غير موضعه ، قال صاحب النظم : إنما قال الأصحاب عملا ، والقراءة ليست عملا على أصلنا ، ومن أجل ذلك نرجو الثواب لمن تلا مطلقا ، ولهذا لو نوى قطع القراءة ولم يقطعها لم تبطل ، قولا واحدا ، قال الآمدي : وإن قطعها بطلت بقطعه ، لا بنيته ، قال : لأن القراءة لا تحتاج إلى نية ، قال صاحب النظم : لو كانت عملا لاحتاجت إلى نية كسائر أعمال العبادات ، قال الآمدي كان في ديار بكر رجل مبتدع ، يقول . يحتاج أن ينوي حال ابتداء القراءة من يريد يقرأ : من أجله ، [ ص: 396 ] يموه على العوام ، ويجعل القراءة فعلا للقارئ فيقرن بها النية ، قال : ونحن نبرأ إلى الله من هذا المذهب ، كذا ذكره صاحب النظم ، وهو خلاف كلام الأصحاب ، والقراءة عبادة تعتبر لها النية ، ويأتي في الأيمان : من حلف لا يعمل عملا فقال قولا هل يحنث ؟ وتأتي المسألة الأخيرة في إهداء القرب قال الأصحاب : وكذا شكه ; هل أحرم بظهر أو عصر وذكر فيها ؟ ( م 4 ) وقيل يتمها نفلا ، كشكه : هل أحرم بفرض ، أو نفل ؟ فإن أحمد سئل عن إمام صلى بقوم العصر ، فظنها الظهر ، فطول القراءة ثم ذكر . فقال : يعيد . وإعادتهم على اقتداء مفترض بمنتفل . وأما إن أحرم بفرض رباعية ، ثم سلم من ركعتين يظنها جمعة أو فجرا ، أو التراويح ، ثم ذكر بطل فرضه ، ولم يبن ، نص عليه ، لأن فعله لما نافى الأولى قطع نيتها ، كما لو كان عالما ، ويتوجه احتمال ، وتخريج يبني ( و هـ ) وكظنه تمام [ ص: 397 ] ما أحرم به .

                                                                                                          وقال شيخنا : يحرم خروجه لشكه في النية ، للعلم بأنه ما دخل إلا بالنية ، وكشكه هل أحدث ؟ وإن أحرم بفرض فبان عدمه كمن أحرم بفائتة فلم تكن ، أو بان قبل وقته انقلبت نفلا ( و هـ ق ) لبقاء أصل النية ، وعنه لا ينعقد ، لأنه لم ينوه كعالم في الأصح .

                                                                                                          [ ص: 392 - 394 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 392 - 394 ] مسألة 1 ) قوله : وإن عزم على الفسخ ، أو تردد فوجهان ، انتهى ، ذكر مسألتين

                                                                                                          ( المسألة الأولى ) : إذا تردد في قطع النية فهل تبطل أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في البداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والكافي ، والمغني ، والمقنع ، والهادي ، والتلخيص ، والبلغة ، والمحرر ، ومختصر ابن تميم ، والرعايتين ، والحاويين والنظم ، والشرح ، وشرح ابن منجى ، وشرح العمدة للشيخ تقي الدين وإدراك الغاية ، والفائق ، وتجريد العناية ، والزركشي وغيرهم ، أحدهما تبطل ، وهو الصحيح ، اختاره القاضي ، ونصره الشريف أبو جعفر ، والمجد في شرحه ، وصححه في التصحيح ، وابن نصر الله في حواشيه ، وجزم به في الإفادات ، والوجيز ، ومنتخب الآدمي ، وغيرهم ، والوجه الثاني لا تبطل ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، واختاره ابن حامد ، وجزم به في المنور وقدمه ابن رزين في شرحه .

                                                                                                          ( المسألة الثانية ) : إذا عزم على فسخها فهل تبطل أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وقد حكم المصنف بأن حكمها حكم التردد في القطع ، وهو الصحيح ، فيعطى حكمه خلافا ومذهبا ، وقيل : تبطل بالعزم على فسخها ، وإن لم تبطل بالتردد ، جزم به في الخلاصة ، والرعاية الصغرى ، والحاويين .

                                                                                                          وقال في الرعاية الكبرى وابن تميم : إن عزم على قطعها فأوجه : الثالث تبطل مع العزم دون التردد .

                                                                                                          وقال ابن حمدان في صفة الصلاة : وإن قطعها أو عزم على قطعها عاجلا بطلت ، وإن تردد فيه ، أو توقف ، أو نوى أنه سيقطعها ، أو علق قطعها ، على شرط فوجهان ، انتهى .

                                                                                                          وقال أيضا : وإن علقه على شرط ، أو نوى أنه سيقطعها لم تبطل في الأصح ، انتهى .

                                                                                                          وقال القاضي أبو الحسين في فروعه : إذا اعتقد أنه سيقطعها ، أو توقف يرتاب في قطعها فقال ابن حامد : يحتمل وجهين ، البطلان اختاره الوالد ، وعدمه ، وقال الشريف أبو جعفر في رءوس المسائل : اختلف الأصحاب يعني في المسألتين ، فقال شيخنا : تبطل ، وقال ابن حامد : لا تبطل ، واستدل لقول شيخه فقط . [ ص: 395 ]

                                                                                                          ( مسألة 3 ) قوله : والوجهان إن شك هل نوى فعمل معه أي مع الشك عملا ثم ذكر ، انتهى ، قد علمت الصحيح من الوجهين فيما تقدم ، فكذا هنا ، قال ابن حامد : يبني ، لأن الشك لا يزيل حكم النية ، وهو ظاهر ما قدمه ابن تميم .

                                                                                                          وقال القاضي : تبطل لخلوه عن نية معتبرة ، وهو ظاهر ما قدمه الشارح وغيره ، وقدم في الرعاية أنه حيث طال يستأنفها ، وذكر الأوجه الثلاثة طريقة .

                                                                                                          وقال المجد في شرحه والأقوى أنه إن كان العمل قولا لم تبطل ، كتعمد زيادته ، ولا يعتد به ، وإن كان فعلا بطلت ، لعدم جوازه كتعمده في غير موضعه ، انتهى ، قال ابن تميم : وهذا أحسن ، قال في مجمع البحرين : إنما قال الأصحاب عملا ، والقراءة ليست عملا على أصلنا ولهذا لو نوى قطع القراءة ولم يقطعها لم تبطل ، قولا واحدا قال الآمدي : وإن قطعها بطلت بقطعه لا بنيته . [ ص: 396 ]

                                                                                                          ( مسألة 4 ) قوله : وكذا قال الأصحاب ، وكذا شكه : هل أحرم بظهر ، أو عصر وذكر فيها ؟ انتهى . وقد علمت الصحيح من الوجهين في أصل المسألة ، وهذه كذلك ، قال ابن تميم ، وابن حمدان ، فهو كشكه في النية ، وقيل يتمها نفلا ، كما لو أحرم بفرض فبان قبل وقته ، وهو احتمال في المغني ، والشرح كشكه هل أحرم بفرض أو نفل فإن الإمام أحمد سئل على إمام صلى بقوم العصر فظنها الظهر فطول القراءة ثم ذكر ، فقال : يعيد ، وإعادتهم على اقتداء مفترض بمتنفل ، قال الشيخ الموفق والمجد والشارح وغيرهم . لو شك هل نوى فرضا أو نفلا أتمها نفلا ، إلا أن يذكر أنه نوى الفرض قبل أن يحدث عملا فيتمها فرضا ، وإن ذكره بعد أن أحدث عملا خرج فيها الوجهان ، قال المجد والصحيح بطلان فرضه ، انتهى ، وكلامهم هذا يصلح أن يستدل به لمسألتنا والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية