الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وشرائطه ثلاثة شرط وجوب ، وهو الإسلام والبلوغ والعقل كذا في النهاية وفتح القدير ، وفي غاية البيان ذكر الأولين ثم قال : ولا يشترط العقل لا للوجوب ، ولا للأداء ولهذا إذا جن في بعض الشهر ثم أفاق يلزمه القضاء بخلاف استيعاب الشهر حيث لا يلزمه [ ص: 277 ] القضاء للحرج واختاره صاحب الكشف فقال : إن المجنون أهل للوجوب إلا أن الشرع أسقط عنه عند تضاعف الواجبات دفعا للحرج واعتبر الحرج في حق الصوم باستغراق الجنون جميع الشهر ا هـ .

                                                                                        وفي البدائع وأما العقل فهل هو من شرائط الوجوب وكذا الإفاقة واليقظة قال عامة مشايخنا : ليست من شرائط الوجوب بل من شرائط وجوب الأداء مستدلين بوجوب القضاء على المغمى عليه والنائم بعد الإفاقة والانتباه بعد مضي بعض الشهر أو كله وكذا المجنون إذا أفاق في بعض الشهر وقال بعض أهل التحقيق من مشايخ ما وراء النهر : إنه شرط الوجوب وعندهم لا فرق بينه وبين وجوب الأداء وأجابوا عما استدل به العامة بأن وجوب القضاء لا يستدعي سابقة الوجوب لا محالة وإنما يستدعي فوت العبادة عن وقتها ، والقدرة على القضاء من غير حرج

                                                                                        وهكذا وقع الاختلاف في الطهارة عن الحيض والنفاس فذهب أهل التحقيق إلى أنها شرط الوجوب فلا وجوب على الحائض والنفساء ، وقضاء الصوم لا يستدعي سابقة الوجوب كما تقدم ، وعند العامة ليست بشرط ، وإنما الطهارة عنهما شرط الأداء ، وتمامه في البدائع ولعله لا ثمرة له ، والنوع الثاني من الشرائط شرط وجوب الأداء ، وهو الصحة والإقامة والثالث شرط صحته ، وهو الإسلام والطهارة عن الحيض والنفاس ، والنية كذا في البدائع واقتصر في فتح القدير على ما عدا الأول ; لأن الكافر لا نية له باشتراطها ، ولم يجعلوا العقل والإفاقة شرطين للصحة ; لأن من نوى الصوم من الليل ثم جن في النهار أو أغمي عليه يصح صومه في ذلك اليوم ، وإنما لم يصح في اليوم الثاني لعدم النية ; لأنها من المجنون والمغمى عليه لا تتصور لا لعدم أهلية الأداء ، وأما البلوغ فليس من شرط الصحة لصحته من الصبي العاقل ; ولهذا يثاب عليه كذا في البدائع وزاد في فتح القدير العلم بالوجوب أو الكون في دار الإسلام ; لأن الحربي إذا أسلم في دار الحرب ، ولم يعلم بفرضية رمضان ثم علم ليس عليه قضاء ما مضى وزاد في النهاية على شرائط الصحة الوقت القابل ليخرج الليل ، وفيه بحث ; لأن التعليق بالنهار داخل في مفهوم الصوم لا قيد له ; ولهذا كان التحقيق في الأصول أن القضاء والنذر المطلق وصوم الكفارة من قبيل المطلق عن الوقت لا من المقيد به كما ذهب إليه فخر الإسلام ، وحكمه سقوط الواجب ، ونيل ثوابه إن كان صوما لازما ، وإلا فالثاني كذا في فتح القدير ، وفيه بحث ; لأن صوم الأيام المنهية لا ثواب فيه فالأولى أن يقال وإلا فالثاني إن لم يكن منهيا عنه ، وإلا فالصحة فقط .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : وزاد في فتح القدير إلخ ) أي في شرائط الوجوب ( قوله : وفيه بحث ; لأن صوم الأيام المنهية لا ثواب فيه ) قال في النهر ظاهر كلامهم كما سيأتي أن النهي فيها لمعنى مجاور ، وهو الإعراض عن الضيافة يفيد أن فيه ثوابا كالصلاة في أرض مغصوبة .




                                                                                        الخدمات العلمية