الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وكره إلا بخير ) أما الأول فلأن المسجد محرز عن حقوق العباد وفيه شغله بها ولهذا قالوا لا يجوز غرس الأشجار فيه والظاهر أن الكراهة تحريمية ; لأنها محل إطلاقهم كما صرح به المحقق في فتح القدير أول الزكاة ودل تعليلهم أن المبيع لو كان لا يشغل البقعة لا يكره إحضاره كدراهم ودنانير يسيرة ، أو كتاب ونحوه وأفاد الإطلاق أن إحضار الطعام المبيع الذي يشتريه ليأكله مكروه وينبغي عدم كراهته كما لا يخفى وأما الثاني وهو الصمت فالمراد به ترك التحدث مع الناس من غير عذر وقد ورد النهي عنه وقالوا إن صوم الصمت من فعل المجوس لعنهم الله تعالى وخصه الإمام حميد الدين الضرير بما إذا اعتقده قربة أما إذا لم يعتقده قربة فلا يكره للحديث { من صمت نجا } وأما الثالث وهو أنه لا يتكلم إلا بخير فلقوله تعالى { وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن } وهو بعمومه يقتضي أن لا يتكلم خارج المسجد إلا بخير فالمسجد أولى كذا في غاية البيان وفي التبيين وأما التكلم بغير خير فإنه يكره لغير المعتكف فما ظنك للمعتكف . ا هـ .

                                                                                        وظاهره أن المراد بالخير هنا ما لا إثم فيه فيشمل المباح وبغير الخير ما فيه إثم والأولى تفسيره بما فيه ثواب يعني أنه يكره للمعتكف أن يتكلم بالمباح بخلاف غيره ولهذا قالوا الكلام المباح في المسجد مكروه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب صرح به في فتح القدير قبيل باب الوتر لكن قال الإسبيجابي ولا بأس أن يتحدث بما لا إثم فيه وقال في الهداية لكنه يتجانب ما يكون مأثما والظاهر ما ذكرناه كما لا يخفى قالوا ويلازم قراءة القرآن والحديث والعلم والتدريس وسير النبي صلى الله عليه وسلم وقصص الأنبياء وحكايات الصالحين وكتابة أمور الدين .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : ودل تعليلهم إلخ ) قال في النهر مقتضى التعليل الأول الكراهة وإن لم يشغل وقوله وأفاد إطلاقه ظاهر في أن كلامه متناول لغير ما يأكله بناء على ما مر من إطلاق المبايعة وقد علمت أنها مقيدة بما لا بد منه وفي هذه الحالة يكره له إحضار السلعة فيه ( قوله : والأولى تفسيره بما فيه ثواب ) قال في العناية ما ليس بمأثم فهو خير عند الحاجة إليه ; لأن الخير عبارة عن المشي الحاصل لما من شأنه أن يكون حاصلا له إذا كان مؤثرا والتكلم بالمباح عند الحاجة إليه كذلك استظهره في النهر وقال إنه ليس بخير عند عدمها وهو محمل ما في الفتح أنه مكروه في المسجد يأكل الحسنات إلخ قال وبه اندفع ما في البحر ا هـ .

                                                                                        على أنه قد ذكر المؤلف قبيل الوتر عن الظهيرية تقييد الكراهة بأن يجلس لأجله وقال ينبغي تقييد ما في الفتح به وفي المعراج عن شرح الإرشاد لا بأس في الحديث في المسجد إذا كان قليلا فأما أن يقصد المسجد للحديث فيه فلا .




                                                                                        الخدمات العلمية