الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ثم استقبل الحجر مكبرا مهللا مستلما بلا إيذاء ) لفعله عليه السلام كذلك ولنهي عمر عن المزاحمة ولأن الاستلام سنة والكف عن الإيذاء واجب فالإتيان بالواجب متعين ، والاستلام أن يضع يديه على الحجر الأسود ويقبله لفعله عليه السلام الثابت في الصحيحين وإن لم يقدر وضع يديه وقبلهما أو إحداهما فإن لم يقدر أمس الحجر شيئا كالعرجون ونحوه ، وقبله لرواية مسلم وإن عجز عن ذلك للزحمة استقبله ورفع يديه حذاء أذنيه ، وجعل باطنهما نحو الحجر مشيرا بهما إليه وظاهرهما نحو وجهه هكذا المأثور وإن أمكنه أن يسجد على الحجر فعل لفعله عليه السلام والفاروق بعده وقول القوام الكاكي الأولى أن لا يسجد عندنا ضعيف ، وهذا التقبيل المسنون إنما يكون بوضع الشفتين من غير تصويت كما ذكره الحلبي في مناسكه ، وقد أشار إلى أنه لا يبدأ بالصلاة ; لأن تحية البيت الطواف فإن كان حلالا فيطوف طواف التحية وإن كان محرما بالحج فطواف القدوم وهو أيضا تحية إلا أنه خص بهذه الإضافة ، وإن دخل في يوم النحر بعد الوقوف فطواف الفرض يغني كصلاة الفرض تغني عن تحية المسجد أو بالعمرة فطواف [ ص: 352 ] العمرة ، ولا يسن في حقه طواف القدوم واستثنى علماؤنا من ذلك ما إذا دخل في وقت منع الناس من الطواف أو كان عليه فائتة مكتوبة أو خاف خروج الوقت للمكتوبة أو الوتر أو سنة راتبة أو فوت الجماعة في المكتوبة فإنه يقدم الصلاة على الطواف في هذه المسائل ، ثم يطوف وفي قوله الحجر دون أن يصفه بالسواد إشارة إلى أنه حين أخرج من الجنة كان أبيض من اللبن ، وإنما اسود بمس المشركين والعصاة كذا في المحيط .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله والاستلام أن يضع يديه إلخ ) قال في النهر وعند الفقهاء هو أن يضع كفيه عليه ويقبله بفيه بلا صوت وفي الخانية ذكر مسح الوجه باليد مكان التقبيل لكن بعد أن يرفع يديه كما في الصلاة كذا في المجتبى ومناسك الكرماني ، زاد في التحفة ويرسلهما ثم يستلم وفي البدائع وغيرها الصحيح أن يرفعهما حذاء منكبيه .

                                                                                        ( قوله وإن أمكنه أن يسجد على الحجر إلخ ) قال في النهر وهل يندب السجود عليه نقل ابن عبد السلام الشافعي عن أصحابنا ذلك وعن { ابن عباس أنه كان يقبله ويسجد عليه ، وقال رأيت عمر فعل ذلك ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ففعلته } رواه ابن المنذر والحاكم وفي المعراج وعن الشافعي أنه يقبله ويسجد عليه وعليه جمهور أهل العلم وقال مالك السجود عليه بدعة وعندنا الأولى أن لا يسجد لعدم الرواية في المشاهير ، وجزم في البحر بضعف ما في المعراج وفيه نظر إذ صاحب الدار أدرى ا هـ .

                                                                                        أي أن الكاكي صاحب المعراج أدرى بالحكم عندنا من ابن عبد السلام الشافعي ولذا نقله في الفتح وأقره أقول : حيث صح الحديث يتبع ، وإن لم يذكر ذلك في المشاهير ; لأن ذلك من فضائل الأعمال وهي تثبت بالحديث الضعيف فبالصحيح أولى ، وليست المسألة اجتهادية حتى يتوقف فيها على نص من [ ص: 352 ] المجتهد ما لم يثبت عنه خلافها فيتبع ما ثبت عنه ولذا والله أعلم مشى في اللباب على الاستحباب ، فقال ويستحب أن يسجد عليه ويكرره مع التقبيل ثلاثا ا هـ قال شارحه وهو موافق لما نقله الشيخ رشيد الدين في شرح الكنز وكذا نقل السجود عن أصحابنا العز بن جماعة لكن نقل الكاكي إلخ .




                                                                                        الخدمات العلمية