الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله واختم الطواف به وبركعتين في المقام أو حيث تيسر من المسجد ) ، أما ختم الطواف بالاستلام فهو سنة لفعله عليه السلام كذلك في حجة الوداع ، وأما صلاة ركعتي الطواف بعد كل أسبوع فواجبة على الصحيح لما ثبت في حديث جابر الطويل أنه عليه السلام { لما انتهى إلى مقام إبراهيم عليه السلام قرأ { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } } فنبه بالتلاوة قبل الصلاة على أن صلاته هذه امتثالا لهذا الأمر ، والأمر للوجوب إلا أن استفادة ذلك من التنبيه ، وهو ظني فكان الثابت الوجوب ، ويلزمه حكمنا بمواظبته عليه السلام من غير ترك إذ لا يجوز عليه ترك الواجب ، ويكره وصل الأسابيع عند أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف وهي كراهة تحريم لاستلزامها ترك الواجب ، ويتفرع على الكراهة أنه لو نسيهما لم يتذكر إلا بعد أن شرع في طواف آخر إن كان قبل إتمام شوط رفضه وبعد إتمامه لا ، ولو طاف بصبي لا يصلي ركعتي الطواف عنه كذا في فتح القدير ، وقيد بعضهم قول أبي يوسف بأن ينصرف عن وتر ، والمراد بالمقام مقام إبراهيم وهي حجارة يقوم عليها عند نزوله وركوبه من الإبل حين يأتي إلى زيارة هاجر وولدها إسماعيل كذا ذكر المصنف في المستصفى ، وذكر القاضي في تفسيره أنه الحجر الذي فيه أثر قدميه ، والموضع الذي كان فيه حين قام عليه ودعا الناس إلى الحج ، وقيل مقام إبراهيم الحرم كله ، وقول المصنف من المسجد بيان للفضيلة وإلا فحيث أراد ولو بعد الرجوع إلى أهله ; لأنها على التراخي ما لم يرد أن يطوف [ ص: 357 ] أسبوعا آخر فتكون على الفور لما قدمنا من كراهة وصل الأسابيع ، وقد تقدم في الأوقات المكروهة أنه لا يصليهما فيها فحمل قولهما يكره وصل الأسابيع إنما هو في وقت لا يكره التطوع فيه ، ولم أر نقلا فيما إذا وصل الأسابيع في وقت الكراهة ثم زال وقتها أنه يكره الطواف قبل الصلاة لكل أسبوع ركعتين ، وينبغي أن يكون مكروها لما أن الأسابيع في هذه الحالة صارت كأسبوع واحد وفي الفتاوى الظهيرية يقرأ في الركعة الأولى ب { قل يا أيها الكافرون } وفي الثانية ب { قل هو الله أحد } تبركا بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن قرأ غير ذلك جاز ، وإذا فرغ من صلاته يدعو للمؤمنين والمؤمنات .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله فواجبة على الصحيح ) أي بعد كل طواف فرضا كان أو واجبا أو سنة أو نفلا ولا يختص جوازها بزمان ولا بمكان ولا تفوت ولو تركها لم تجبر بدم ولو صلاها خارج الحرم ولو بعد الرجوع إلى وطنه جاز ، ويكره والسنة الموالاة بينها وبين الطواف ، ويستحب مؤكدا أداؤها خلف المقام ثم في الكعبة ثم في الحجر تحت الميزاب ، ثم كل ما قرب من الحجر إلى البيت ثم باقي الحجر ثم ما قرب إلى البيت ثم المسجد ثم الحرم ثم لا أفضلية بعد الحرم بل الإساءة والمراد بما خلف المقام قيل ما يصدق عليه ذلك عادة وعرفا مع القرب وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه إذا أراد أن يركع خلف المقام جعل بينه وبين المقام صفا أو صفين أو رجلا أو رجلين رواه عبد الرزاق

                                                                                        ولو صلى أكثر من ركعتين جاز ولا تجزئ المنذورة والمكتوبة عنها ولا يجوز اقتداء مصلي ركعتي الطواف بمثله ; لأن طواف هذا غير طواف الآخر ، ويكره تأخيرها عن الطواف إلا في وقت مكروه أي ; لأن الموالاة سنة ، ولو طاف بعد العصر يصلي المغرب ثم ركعتي الطواف ثم سنة المغرب ولا تصلى إلا في وقت مباح فإن صلاها في وقت مكروه قيل صحت مع الكراهة ( فروع ) طاف ونسي ركعتي الطواف فلم يتذكر إلا بعد شروعه في طواف آخر فإن كان قبل تمام شوط رفضه وبعد إتمامه لا بل يتم طوافه الذي شرع فيه وعليه لكل أسبوع ركعتان ، ولو طاف فرضا أو غيره ثمانية أشواط إن كان على ظن أن الثامن سابع فلا شيء عليه كالمظنون ابتداء ، وإن علم أنه الثامن اختلف فيه ، والصحيح أنه يلزمه سبعة أشواط للشروع ولو طاف أسابيع فعليه لكل أسبوع ركعتان على حدة ولو شك في عدد الأشواط في طواف الركن أو العمرة أعاده ولا يبني على غالب ظنه بخلاف الصلاة ، وقيل إذا كان يكثر ذلك يتحرى ، ولو أخبره عدل بعدد يستحب أن يأخذ بقوله ولو أخبره عدلان وجب الأخذ بقولهما ، وصاحب العذر الدائم إذا طاف أربعة أشواط ثم خرج الوقت توضأ وبنى ولا شيء عليه ولو حاذته امرأة في الطواف لا يفسد وتمامه في اللباب ( قوله ويلزمه ) أي يلزم من كون الثابت الوجوب أن نحكم بمواظبته عليه الصلاة والسلام من غير ترك وكان الأولى بالمؤلف عدم ذكره ذلك كما فعل أخوه لإيهامه توقف إثبات الوجوب على هذا اللزوم ، نعم ذكره في الفتح لكن غرضه منه إفادة أن ما ورد في كتب الحديث من ثبوت فعله عليه الصلاة والسلام لهما محمول على عدم الترك مرة ليكون دليلا آخر على الوجوب إذ مطلق الفعل لا يدل عليه .

                                                                                        ( قوله وقيد بعضهم إلخ ) قال في السراج ويكره الجمع بين أسبوعين أو أكثر من غير صلاة بينهما عند أبي حنيفة ومحمد رحمه الله سواء انصرف عن وتر أو شفع ، وقال أبو يوسف لا يكره إذا انصرف عن وتر نحو أن ينصرف عن ثلاثة أسابيع أو خمسة أو سبعة [ ص: 357 ] ( قوله ولم أر إلخ ) قال في اللباب في فصل مكروهات الطواف والجمع بين أسبوعين أو أكثر من غير صلاة بينهما إلا في وقت كراهة الصلاة وهو مؤيد لما قاله المؤلف أيضا تأمل ( فرع ) غريب قال العلامة الشيخ قطب الدين الحنفي في منسكه في الفصل الرابع من الباب السادس رأيت بخط بعض تلامذة الكمال ابن الهمام في حاشية فتح القدير إذا صلى في المسجد الحرام ينبغي أن لا يمنع المار لما روى أحمد وأبو داود عن المطلب بن أبي وداعة أنه { رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم ، والناس يمرون بين يديه وليس بينهما سترة } وهو محمول على الطائفين فيما يظهر ; لأن الطواف صلاة فصار كمن بين يديه صفوف من المصلين ا هـ .

                                                                                        ثم رأيت في البحر العميق حكى عز الدين بن جماعة عن مشكلات الآثار للطحاوي أن المرور بين يدي المصلي بحضرة الكعبة يجوز ا هـ .

                                                                                        كذا في حاشية المدني على الدر المختار وباب بني سهم هو المسمى الآن باب العمرة كما سنذكره في السعي قريبا مع زيادة تؤيد ما مر .




                                                                                        الخدمات العلمية