الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وهذا إذا لم يمض عليهم وقت فرض إلا وذلك الحدث يوجد فيه ) أي وحكم الاستحاضة والعذر يبقى إذا لم يمض على أصحابهما وقت صلاة إلا والحدث الذي ابتليت به يوجد فيه ولو قليلا حتى لو انقطع وقتا كاملا خرج عن كونه عذرا قيدنا بكونه شرط البقاء ; لأن شرط ثبوته ابتداء بأن يستوعب وقتا كاملا ، كذا في أكثر الكتب وفي النهاية يشترط في الابتداء دوام السيلان من أول الوقت إلى آخره اعتبارا بالسقوط فإنه لا يتم حتى ينقطع في الوقت كله ، وفي شرح الشيخ حميد الدين الضرير فالشرط في الابتداء أن يكون الحدث مستغرقا جميع الوقت حتى لو لم يستغرق كل الوقت لا تكون مستحاضة وظاهره أنه لو انقطع في الوقت زمنا يسيرا لا تكون مستحاضة وفي الكافي ما يخالفه فإنه قال إنما يصير صاحب عذر إذا لم يجد في وقت صلاة زمانا يتوضأ فيه خاليا عن الحدث وفي التبيين أن الأظهر خلاف ما في الكافي وفي فتح القدير أن ما في الكافي يصلح تفسيرا لما في غيره إذ قل ما يستمر كمال وقت بحيث لا ينقطع لحظة فيؤدي إلى نفي تحققه إلا في الإمكان بخلاف جانب الصحة منه فإنه يدوم انقطاعه وقتا كاملا وهو مما يتحقق . ا هـ .

                                                                                        وفي شرح الدرر والغرر لمنلا خسرو لا مخالفة بين ما في عامة الكتب وما ذكره في الكافي بدليل أن شراح الجامع الخلاطي قالوا في شرح قوله ; لأن زوال العذر يثبت باستيعاب الوقت كالثبوت إن الانقطاع الكامل معتبر في إبطال رخصة المعذور والقاصر غير معتبر إجماعا فاحتيج إلى حد فاصل فقدرنا بوقت الصلاة كما قدرنا به ثبوت العذر ابتداء فإنه يشترط لثبوته ابتداء دوام السيلان من أول الوقت إلى آخره ; لأنه إنما يصير صاحب عذر ابتداء إذا لم يجد في وقت صلاة زمانا يتوضأ فيه ويصلي خاليا عن الحدث الذي ابتلي به . ا هـ .

                                                                                        فالحاصل أن صاحب العذر ابتداء من استوعب عذره تمام وقت صلاة ولو حكما ; لأن الانقطاع اليسير ملحق بالعدم وفي البقاء من وجد عذره في جزء من الوقت وفي الزوال يشترط استيعاب الانقطاع حقيقة وفي السراج الوهاج للمستحاضة وضوءان كامل وناقص فالكامل أن تتوضأ والدم منقطع فهذه لا يضرها خروج الوقت إذا لم يسل إلى خروجه ، والناقص أن تتوضأ وهو سائل فهذه يضرها خروجه سال بعد ذلك أو لا ولها انقطاعان كامل وناقص فالكامل أن ينقطع وقتا كاملا فهذا يوجب الزوال ويمنع اتصال الدم الثاني بالأول ، والناقص أن ينقطع دونه فهذا لا يزيله ويكون ما بعده كدم متصل وبيانه إذا زالت الشمس ودمها سائل فتوضأت على السيلان ، ثم انقطع قبل الشروع في صلاة الظهر أو بعده قبل القعود قدر التشهد أو بعده قبل السلام عند الإمام ودام الانقطاع حتى خرج وقت الظهر انتقض وضوءها ; لأنه ناقص فأفسده خروج الوقت ، ثم إذا توضأت للعصر فتم الانقطاع حتى غربت الشمس لم ينتقض وضوءها ; لأنه كامل فلا يضره الخروج ولكن عليها إعادة الظهر ; لأن دمها انقطع وقتا كاملا وتبين أنها صلت الظهر بطهارة العذر والعذر زائل ولا يجب عليها إعادة العصر ; لأن فساد الظهر إنما عرف بعد الغروب ، وأما إذا كان دمها انقطع بعدما فرغت من صلاة الظهر أو بعد القعود قدر التشهد على قولهما فإنها لا تعيد الظهر ; لأن عذرها زال بعد الفراغ كالمتيمم إذا رأى الماء بعد الفراغ من الصلاة ا هـ

                                                                                        وظن القوام الأتقاني في [ ص: 229 ] غاية البيان أن ما ذكر في المتن تعريف للمستحاضة فأورد عليه الحائض والنفساء ; لأن الحائض قد تكون بهذه المثابة بأن لا يمضي عليها وقت إلا وهو يوجد فيه واختار تعريفا للمستحاضة بأنها هي التي ترى الدم مستغرقا وقت صلاة في الابتداء من غير شرط استمرار في البقاء في زمان لا يعتبر من الحيض والنفاس . ا هـ .

                                                                                        وليس كما ظن بل هو شرط لها لا تعريف ، وقد قدمنا تعريف الاستحاضة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية