الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( وبر قرية أو تمر نخلة معينة ) أي لا يجوز لاحتمال أن يعتريهما آفة فلا يقدر على التسليم وإليه أشار صلى الله عليه وسلم بقوله { أرأيت إذا منع الله ثمرة هذا البستان بم يستحل أحدكم مال أخيه } فإن معناه أنه لا يستحق بهذا البيع شيئا إن لم يخرج ذلك البستان شيئا فكان في بيع ثمرة هذا البستان غرر الانفساخ فلا يصح بخلاف ما إذا أسلم في حنطة صعيدية أو شامية فإن احتمال أن لا ينبت في الإقليم شيء برمته ضعيف فلا يبلغ الغرر المانع من الصحة ولذا قيد بالقرية احترازا عن الإقليم وتعيين البستان كتعيين النخلة هذا ، ولو كانت نسبة الثمرة إلى قرية معينة لبيان الصفة لا لتعيين الخارج من أرضها بعينه كالحشراتي ببخارى والسباخي وهي قرية حنطتها جيدة بفرغانة لا بأس ; لأنه لا يراد خصوص النابت هناك بل الإقليم ولا يتوهم انقطاع طعام إقليم بكماله فالسلم فيه وفي طعام العراق والشام سواء كذا في ديارنا قمح الصعيد .

                                                                                        وفي الخلاصة وغيرها لو أسلم في حنطة الهراة لا يجوز وفي ثوب هراة وذكر شروط السلم يجوز ; لأن حنطتها يتوهم انقطاعها إذ الإضافة لتخصيص البقعة فيحصل السلم في موهوم الانقطاع بخلاف إضافة الثوب لأنها لبيان الجنس والنوع لا لتخصيص المكان وكذا لو أتى المسلم إليه بثوب هروي نسج في غير ولاية هراة من جنس الهروي يعني من صفته ومؤنته يجبر رب السلم على قبوله فظهر أن المانع والمقتضى العرف فإن تعورف كون النسبة لبيان الصفة فقط جاز وإلا فلا كذا في فتح القدير ، ثم قال وفي شرح الطحاوي ، ولو أسلم في حنطة حديثة قبل حدوثها فالسلم باطل ; لأنها منقطعة في الحال وكونها موجودة في وقت العقد إلى وقت المحل شرط ا هـ .

                                                                                        وفي الجوهرة ، ولو أسلم في حنطة جيدة أو في ذرة جديدة لم يجز ; لأنه لا يدري أيكون في تلك السنة شيء أم لا ا هـ .

                                                                                        وعلى هذا [ ص: 174 ] فيما يكتب في وثيقة السلم جديد عامه مفسد له ولكنه ينبغي حمله على ما إذا كان قبل وجود الجديد ، أما بعد وجوده فيصح كما يشير إليه ما في شرح الطحاوي وفي الخلاصة وكذا إذا أسلم على صوف غنم بعينها أو ألبانها وسمونها قبل حدوثها أو سمن حديث ; لأنه لا يدرى بقاؤه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله لأنه لا يدري أيكون في تلك السنة شيء أم لا ) قال في النهر التعليل بما في شرح الطحاوي أولى ومقتضى هذا أنه لو عين جديد إقليم كجديدة من الصعيد مثلا أن يصح إذ لا يتوهم عدم طلوع شيء فيه أصلا . ا هـ .

                                                                                        يعني : وهذا المقتضى غير مراد لمنافاته للشرط المار وهو أن يكون موجودا من حين العقد إلى حين المحل .




                                                                                        الخدمات العلمية