الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وبالضرب والكبح ) أي يضمن بهما إذا هلكت وفي المغرب كبح الدابة باللجام إذا ردها وهو أن يجذبها إلى نفسه لتقف ولا تجري وقالا لا يضمن إذا فعل فعلا متعارفا لأن المتعارف مما يدخل تحت مطلق العقد فكان حاصلا بإذنه فلا يضمنه ولأبي حنيفة أن الإذن مقيد بشرط السلامة إذ يتحقق السوق بدونه وإنما هما للمبالغة فيتقيد بوصف السلامة كالمرور في الطريق قيد بالضرب والكبح لأنه لا يضمن بالسوق اتفاقا وظاهر ما في الهداية أن للمستأجر الضرب ولا إثم عليه للإذن العرفي فيه وإن كان مقيدا بشرط السلامة وفي غاية البيان إن ضربه للدابة يكون تعديا موجبا للضمان بخلاف العبد المستأجر فإنه ليس له ضربه ويضمن به اتفاقا لأنه يؤمر وينهى لفهمه فلا ضرورة إلى الضرب وللسيد ضرب عبده تأديبا وللأب والوصي ضرب الصغير للتأديب لكن مقيد عند أبي حنيفة بشرط السلامة حتى يضمنان لو هلك بضربهما لأن التأديب قد يقع بالزجر والتعريك وفي غاية البيان عن التتمة .

                                                                                        الأصح أن أبا حنيفة رجع إلى قولهما والمعلم والأستاذ ليس لهما ضرب الصغير إلا بإذن الأب أو الوصي فإن مات لا ضمان عليهما إذا كان بإذن وإلا ضمنا وأما ضربه دابة نفسه فقال في القنية وعند أبي حنيفة لا يضربها أصلا ولو كانت ملكه وكذا حكم كل ما يستعمل من الحيوانات ثم قال لا يخاصم ضارب الحيوان فيما يحتاج إليه للتأديب ويخاصم فيما زاد عليه ولا يجوز ضرب أختها الصغيرة التي ليس لها ولي بترك الصلوات إذا بلغت عشرا ثم قال له أن يضرب اليتيم فيما يضرب ولده به وردت الأخبار والآثار وفي الروضة له أن يكره ولده الصغير على تعلم القرآن والأدب والعلم لأن ذلك فرض على الوالدين ولو أمر غيره بضرب عبده حل للمأمور ضرب عبده بخلاف الحر قال رضي الله عنه فهذا تنصيص على عدم جواز ضرب ولد الآمر بأمره بخلاف المعلم لأن المأمور بضربه نيابة عن الأب لمصلحته [ ص: 310 ] والمعلم يضربه بحكم الملك بتمليك أبيه لمصلحة العلم وأما ضرب الزوجة فجائز في مواضع أربعة وما في معناها على ترك الزينة لزوجها وهو يريدها وترك الإجابة إلى الفراش وترك الغسل والخروج من المنزل .

                                                                                        وفي ضرب امرأته وولده على ترك الصلاة روايتان كذا قالوا ومما في معناها ما إذا ضربت جارية زوجها غيرة ولا تتعظ بوعظه فله ضربها كذا في القنية ويلحق به ما إذا ضربت الولد الذي لا يعقل عند بكائه لأن ضرب الدابة إذا كان ممنوعا فهذا أولى ومنه ما إذا شتمته أو مزقت ثيابه أو أخذت لحيته أو قالت له يا حمار يا أبله أو لعنته سواء شتمها أو لا على قول العامة ومنه ما إذا شتمت أجنبيا ومنه ما إذا كشفت وجهها لغير محرم أو كلمت أجنبيا أو تكلمت عامدا مع الزوج أو شاغبت معه ليسمع صوتها الأجنبي ومنه ما إذا أعطت من بيته شيئا من الطعام بلا إذنه إن كانت العادة لم تجر به وإن كانت العادة مسامحة المرأة بذلك بلا مشورة الزوج فليس له ضربها ومنه ما إذا ادعت عليه وليس منه ما إذا طلبت نفقتها أو كسوتها وألحت لأن لصاحب الحق يد الملازمة ولسان التقاضي كذا في البزازية من النوع الثالث في الضرب من الاختيار

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية