الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( تتمة ) سأل بعضهم هل على الصبي حفظة يكتبون له فقال رفع القلم عن ثلاث قيل له : هل يكون معذورا بترك النظر قيل : استكمال المدة التي يتعلق بها أحكام الشرع فقال : إن كمل شرائط تكليفه قبل البلوغ وخطر بباله الخوف من ترك النظر لا يعذر ، وفي السراجية عذاب القبر للكافرين ، أو لبعض العصاة حق يؤمن به ولا يشتغل بكيفيته ومما يتصل به ، فصل يشتمل على السنة والجماعة المضمرات وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه [ ص: 207 ] أنه قال المؤمن إذا أوجب السنة والجماعة استجاب الله دعاءه وقضى حوائجه وغفر له الذنوب جميعا وكتب له براءة من النار وبراءة من النفاق ، وفي خبر عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { من كان على السنة والجماعة استجاب الله دعاءه وكتب له بكل خطوة يخطوها عشرة حسنات ورفع له عشر درجات ، فقيل له : يا رسول الله متى يعلم الرجل أنه من أهل السنة والجماعة ؟ فقال : إذا وجد في نفسه عشرة أشياء فهو على السنة والجماعة : أن يصلي الصلوات الخمس بالجماعة ، ولا يذكر أحدا من الصحابة بسوء وينقصه ، ولا يخرج على السلطان بالسيف ، ولا يشك في إيمانه ، ويؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى ، ولا يجادل في دين الله تعالى ، ولا يكفر أحدا من أهل التوحيد بذنب ، ولا يدع الصلاة على من مات من أهل القبلة ، ويرى المسح على الخفين جائزا في السفر والحضر ، ويصلي خلف كل إمام بر أو فاجر } .

                                                                                        وفي الحاوي من أهل السنة والجماعة من فيه عشرة أشياء : الأول أن لا يقول شيئا في الله تعالى لا يليق بصفاته . والثاني : يقر بأن القرآن كلام الله تعالى وليس بمخلوق . الثالث : يرى الجمعة والعيدين خلف كل بر وفاجر . والرابع : يرى القدر خيره وشره من الله تعالى . والخامس : يرى المسح على الخفين جائزا . والسادس : لا يخرج على الأمير بالسيف . والسابع : يفضل أبا بكر وعمر وعثمان وعليا على سائر الصحابة . والثامن : لا يكفر أحدا من أهل القبلة بذنب . والتاسع : يصلي على من مات من أهل القبلة . والعاشر : يرى الجماعة رحمة والفرقة عذابا .

                                                                                        قال صاحب الكشاف : في هذا الفصل شروط وزيادات لأصحابنا يجب أن تراعى وسئل أبو النصر الدبوسي عن معنى قوله عليه الصلاة والسلام { كل مولود يولد على الفطرة } قال أي يولد على دلالة الخلقة على معنى أن الله تعالى خلقه على خلقة لو نظر إليها وتفكر فيها على حسب ما يجب لدلته على ربوبيته ووحدانيته ومعنى قوله : يهودانه أي ينقلانه إلى حكم اليهودية وأحوالها بالتلقين لكونه في أيديهم لذلك ظهر العمل في المسألتين خلفا عن سلف أن الولد يكون تابعا للوالدين من غير من أن يكون منه كفر ، أو إسلام على الحقيقة وسئل أبو النصر الدبوسي فقيل : ما معنى الأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي في بعضها { صلوا خلف كل بر وفاجر } ، وفي بعضها { القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشيعوا جنائزهم } .

                                                                                        وفي بعضها { إن أمتي ستفترق على كذا وكذا كلهم في النار إلا واحدة } فقال المشايخ : إن من شرائط السنة والجماعة أن لا يكفر أحدا من أهل القبلة وسئل بعضهم عن الفاجر والبر فقال : الفاجر هو الفاسق من أهل الإسلام ، والبر هو العدل من أهل الإسلام وقد جاء مفسرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يخرج أحد من أهل الإسلام بذنب ، وذكر افتراق الأديان ، فمن كان من أهل الإسلام فالصلاة خلفه جائزة ، وإن كان يعمل الكبائر وأهل الأهواء على ضربين منهم من يخرج عن الإسلام ومنهم من لا يخرج فمن خرج عن الإسلام لا تجوز الصلاة خلفه وقد سبق الكلام فيه مستوفى في تتمة كلمات الكفر في آخر كلمات الكفر في آخر كتاب السير ، وفي باب الجماعة ومن لا يخرج منه فالصلاة خلفه جائزة ومن خرج من الإسلام فهو في النار خالد ومن لم يخرج منه فهو في جملة أهل المشيئة قال الله تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ، وأما ما جاء في حق أهل الأهواء أنهم لا يعادون ولا تشيع جنائزهم فهذا تغليظ وتشديد كان في الزمان الأول حيث كان المسلمون أمة واحدة في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم أجمعين ولما قتل عثمان وقعت الفرقة وظهرت الأهواء وغلبت الأحزاب أهل الأهواء ولم يكن إمضاء الأمر على السبيل الأول وقد كانوا يجالسون علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويزاحمون وكذا العلماء والفقهاء من بعده إلى يومنا هذا والدليل على ذلك ما جاء أن شهادة أهل الأهواء جائزة وسئل أبو بكر القاضي عن الرجل هل يعلم أنه على مذهب أهل السنة والجماعة ؟ فقال : إذا رجع علمه إلى كتاب الله ، وإلى ما قاله السلف الصالح فهو على مذهب السنة والجماعة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية