الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وبنصيب ابنه بطل ، وبمثل نصيب ابنه صح ) أي الوصية بنصيب ابنه باطلة والوصية بمثل نصيب ابنه صحيحة ، وقال زفر كلتاهما صحيحة لأن الجميع ماله في الحال ، وذكر نصيب الابن للتقدير به ، ولأنه يجوز أنه حذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه فقوله أوصيت بنصيب ابني أي بمثل نصيبه ، ومثله شائع لغة قال الله تعالى { واسأل القرية } أي أهلها ، ولنا أن نصيب الابن ما يصيبه بعد الموت فكان وصية بمال الغير بخلاف ما إذا أوصى بمثل نصيب ابنه لأن مثل الشيء غيره ، وإنما يجوز حذف المضاف إذا كان هناك ما يدل عليه كما في الآية لأن السؤال يدل على المسئول ، وهو الأهل ، ولم يوجد هنا ما يدل على المحذوف فلا يجوز ، وفي الأصل الوصية بنصيب الابن أو بمثل نصيب الابن إن لم تجز الورثة لم يجز أو يجز بعضهم ، وقال محمد رجل هلك وترك أما وأبا ، وأوصى لرجل بنصيب بنت لو كانت فالوصية من سبعة عشر منها الموصى له خمسة أسهم ، وللأم سهمان ، وللأب عشرة أسهم قال ولو ترك ابنا فأوصى بنصيب ابن آخر لو كان ، وأجازت الورثة الوصية فالفريضة من خمسة عشر للموصي سبعة أسهم ، وللابن سبعة ، وكذلك إذا أوصى بمثل نصيب ابنه لو كان الجواب كما قلنا .

                                                                                        وفي شرح الطحاوي قال ومن أوصى لرجل بمثل نصيب ابنه فهذا لا يخلو أما إن كان أوصى له بمثل نصيب ابنه أو بنصيب ابنه كان له ابن أو لم يكن ابن أو ابنه فلو كان ، وليس له ابن ولا ابنه فإنه تجوز الوصية فإن كان أكثر من الثلث فيحتاج إلى إجازة الورثة فإن كان ثلثا أو أقل جازت من غير إجازة نحو ما إذا أوصى بمثل نصيب ابنه ، وله ابن واحد صار موصيا له بنصف المال ، ولو كان له ابنان يكون بينهما نصفين كذلك هاهنا يكون المال بينهما نصفين نصف للابن ونصف للموصى له إن أجاز الابن ، وإن لم يجز الابن فللموصى له الثلث ، وإن كان له ابنان فإنه يكون للموصى له ثلث المال ولا [ ص: 471 ] يحتاج إلى الإجازة ، ولو أوصى بمثل نصيب ابنه ، وله ابنة واحدة فإنه يكون للموصى له نصف المال إن أجازت الابنة ، وإن لم تجز فله الثلث ، ولو كانت له ابنتان ، والمسألة بحالها فيكون للموصى له ثلث المال ، ولو أوصى بنصيب ابن لو كان فالجواب فيه كما لو أوصى بمثل نصيب ابنه قال وإذا هلك الرجل ، وترك أخا وأختا ، وأوصى لرجل بنصيب ابن لو كان فأجاز فللموصى له جميع المال ولا شيء للأخ والأخت ، ولو أوصى بمثل نصيب ابن لو كان للموصى له نصف المال إن أجاز ، وإن لم يجز فللموصى له ثلث المال إن أجاز أو لم يجز روى بشر عن أبي يوسف ، وفي الأمالي هلك وترك ابنين وأوصى لرجل بنصف ماله ، ولآخر بمثل نصيب أحد الابنين ، ولم تجز الورثة .

                                                                                        قال الثلث بين الموصى لهما يضرب فيها صاحب النصف بنصف المال ، والآخر بتسع المال فإن أجاز الابنان وصيتهما يأخذ صاحب النصف تمام النصف أربعة ونصفا من تسعة ، وصاحب مثل النصيب يأخذ سهمين من تسعة ، ويبقى للابنين تسعان ونصف ، ولو كان أوصى لرجل بنصيب أحد الابنين ، وأوصى لآخر بمثل نصيب الآخر ، وأجاز الابنان كان لهما نصف المال ، وللابنين النصف ، ولو لم يجيزا فالثلث بينهما نصفان ، وإن أجاز أحدهما دون الآخر فللذي أجاز الربع اعتبارا لوجود الإجازة ، وللذي لم يجز الثلث قال وإذا هلك الرجل ، وترك أبا وابنا ، وأوصى لرجل بمثل نصيب ابنه أو بنصيب ابن لو كان ، وأجاز فللموصى له خمسة من أحد عشر ، وللأب سهم ، وللابن خمسة ، وإن لم يجيزا فللموصى له الثلث أولا ، والباقي بين الأب ، والابن أسداسا ، وإن أجاز أحدهما دون الآخر ، وذكر في الكتاب أنه ينظر إلى حال الإجازة ، وحال عدم الإجازة فالفريضة عند الإجازة من أحد عشر للموصى له خمسة ، وعند عدم الإجازة الفريضة من تسعة للموصى له ثلثه فيضرب أحد الفريضتين في الأخرى فيصير تسعة وتسعين فعند عدم الإجازة للموصى له الثلث ثلاثة وثلاثون ، وللأب سدس وما بقي أحد عشر ، وللابن خمسة من أحد عشر ، وللابن خمسة أسداس وما بقي خمسة وخمسون ، وعند الإجازة للموصى له خمسة من أحد عشر مضروبا في تسعة فيكون خمسة وأربعين ، وللأب سهم مضروبا في تسعة فيكون تسعة فتفاوت ما بين الحالتين في حق الموصى له اثنا عشر سهما من ذلك من نصيب الأب .

                                                                                        وذلك من تسعة إلى أحد عشر وعشرة من نصيب الابن ، وذلك من خمسة وأربعين إلى خمسة وخمسين فإذا أجاز ، ولو قال أوصيت بثلث مالي للمسجد جاز عند محمد ، وقال أبو يوسف لا يجوز إلا أن يقول ينفق على المسجد ، وفي الخانية ، ولو أوصى بثلث ماله للمسجد عين المسجد أو لم يعين فهي باطلة في قول أبي يوسف جائزة في قول محمد ، ولو أوصى بأن ينفق ثلثه على المسجد جاز في قولهم ، وفي النوازل إذا أوصى لأرباب المسجد المعين ، وعمارته ، وفي ثمن آجر وجبس وغيره فيما احتيج إليه وما كان فيه مصلحة جاز ، ولو بجنب هذا المسجد نهر يجري ماؤه بالمسجد ففسد النهر ، ولم يصل إلى المحلة جاز أن ينفقوا منها في ذلك عند تبين الضرر ، وفي العيون عن محمد إذا قال ثلث مالي للكعبة جاز ، ويعطى مساكين مكة ، ولو قال لثغور فلان فالقياس أن يبطل ، وفي الاستحسان يجوز الظهيرية ، ولو قال لبيت المقدس جاز ، وينفق عليه ، وفي سراجه قيل هذا في عرفهم ، ولو أوصى بثلث ماله يسرج به في المسجد يجوز ، ولو أوصى بثلث ماله للسراج لا يجوز ، وهو نظير ما لو أوصى بدرهم لشاة فلان أو برذون فلان فإنه لا يجوز ، ولو أوصى بثلث ماله ليعلف به دواب فلان يجوز ، ونظيره لو أوصى بثلث ماله في أكفان فقراء المسلمين يجوز .

                                                                                        ولو أوصى بثلث ماله لموتى الفقراء لا يجوز فلو أوصى بمثل نصيب أحدهما وثلث أو ربع ما بقي ، ودرهم للآخر ، وصورة المسألة رجل مات وترك ثلاث بنين ، وأوصى بمثل نصيب أحدهم ودرهم وثلث ، وربع ما بقي من الثلث فيجعل ثلث المال سهاما ، ولو أحاط بالنصيب سهم ، وبالدراهم سهم لأنه متى كان في الوصية درهم يجعل لكل سهم درهم حتى يصير الحساب كله جنسا واحدا فإذا ذهب اثنان من أربعة عشر يبقى اثني عشر فاعط بالثلث سهمين ، وبربعه سبعة يبقى خمسة فأعط بالدرهم الأخير سهما يبقى أربعة فهذه فاضلة عن سهام الوصايا ترد إلى الورثة فرده إلى ثلث المال فيصير أربعة وثلاثين ، وحاجتنا إلى ستة لأنا لو أعطينا بالنصيب سهمين فيجب أن يكون نصيب الابنين ستة ، والخطأ الثاني وقع بزيادة مائة وعشرين ، والأول بزيادة تسعة وعشرين فاضرب الثلث الأول في الثاني ، وهو ثمانية وعشرون يصير أربعمائة وخمسة وثلاثين ثم اطرح [ ص: 472 ] الأقل من الأكثر يبقى ثلاثة وأربعون فهذا هو الثلث ، وإذا أردت معرفة النصيب فاضرب النصيب الأول ، وهو سهم في المقطع الثاني ، وهو ثمانية وعشرون فيصير ثمانية وخمسين ثم اطرح الأكثر من الأقل يبقى ثلاثون فظهر عند النصيب ثلاثون وثلث المال ثلاثة وأربعون فيعطي بالنصيب من الثلث ثلاثين يبقى ثلاثة عشر فيعطي بالدراهم سهما يبقى اثني عشر سهما فيعطى ثلث ما بقي ، وربعه سبعة بقي خمسة فيعطى من الدرهم الآخر سهم يبقى أربعة فرده الأربعة إلى ثلثي المال ، وبيان تعليله في المحيط .

                                                                                        وأما لو أوصى بمثل نصيب الابن إلا ثلث ما بقي من الثلث صورتها ترك ثلاث بنين ، وأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهم إلا ثلث ما يبقى من الثلث بعد النصيب فالفريضة تسعة وثلاثون ، والثلث ثلاثة عشر ، والنصيب بعد الابنين شبهة ، وبيان تخريجه في المحيط ، وأما لو قال في المسألة المتقدمة إلا ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصية فأصل الفريضة ما ذكرنا في الفصل الأول ، وأما لو قال في صورة المسألة إلا ثلث ما بقي مطلقا قال عامة مشايخنا عن أبي يوسف والحسن بن زياد يخرج كما خرجنا في الفصل الأول قال محمد يخرج على الفصل الثاني وما بمثل نصيب الابن إلا مثل نصيب الآخر فلو مات عن ابن واحد ، وأوصى لرجل بمثل نصيبه إلا بمثل نصيب آخر لو كان له الثلث أجاز الابن أو لم يجز ، وإن ترك ابنين ، وأوصى بمثل نصيبه إلا مثل نصيب آخر لو كان له الثلث أجاز الابن أو لم يجز ، وإن ترك ابنين ، وأوصى بمثل نصيب أحدهما لرجل إلا مثل نصيب الواحد لو كان أو أوصى لآخر بثلث ما يبقى من الثلث فالقسمة خمسة عشر سهمان لصاحب النصيب ، وسهم لصاحب ثلث ما يبقى ، ولكل ابن ست ، وتخريجه في المحيط .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية