الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الحنطة المبلولة بالقطاني قلت : أتجوز الحنطة المبلولة في قول مالك بالقطنية كلها وبالدخن وبالسمسم وبالأرز وبالذرة وبجميع هذه الأشياء من الحبوب والطعام ما خلا الحنطة والشعير والسلت واحد باثنين أو واحد بواحد يدا بيد ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ذلك جائز في رأيي واحد باثنين أو أكثر إذا كان يدا بيد .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم كره مالك الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة ؟

                                                                                                                                                                                      قال ألا ترى أن الفريك الرطب لا يصلح بالحنطة اليابسة فكذلك الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة .

                                                                                                                                                                                      قلت : والشعير والسلت لم كرهه مالك بالحنطة المبلولة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنهما صنف واحد مع الحنطة . ألا ترى أنهما يجمعان في الزكاة مع الحنطة فلذلك كرهه . [ ص: 154 ] قلت : أرأيت العدس المبلول أيصلح بالفول واحد بواحد أو اثنان بواحد في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم إذا كان يدا بيد .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم وأنت تجمعه في الزكاة وتراه في الزكاة نوعا واحدا وأنت تجيز المبلول منه إذا كان عدسا باليابس من الفول ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن هذين في البيع عند مالك صنفان مختلفان ، ألا ترى أن العدس اليابس لا بأس به بالفول واحد باثنين ، وكذلك المبلول منه ، أو لا ترى أن الحنطة اليابسة لا تصلح بالشعير والسلت في قول مالك لا مثلا بمثل فلذلك كره مالك المبلول من الحنطة بالشعير مثلا بمثل أو بينهما تفاضل .

                                                                                                                                                                                      قال : ولقد رأيت مالكا غير سنة كره القطنية بعضها ببعض بينهما تفاضل ، ففي قوله الذي رجع إليه أخيرا أنه كره التفاضل بينهما فالمبلول من القطنية لا يصلح بشيء من القطنية اليابسة لأنه نوع واحد ، وقوله الأول أحب إلي وهو الذي كتبته أول مرة فأنا آخذه .

                                                                                                                                                                                      قلت : فالعدس المبلول بالعدس اليابس في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يصلح ذلك عند مالك وإنما هذا مثل الرطب بالتمر أو الفريك بالحنطة أو الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة ، وقد وصفت لك ذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : فالعدس المبلول بالعدس المبلول هل يجوز في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يصلح ذلك عند مالك لأنه ليس مثلا بمثل لأن البلل يختلف فيكون منه ما هو أشد انتفاخا من صاحبه فلا يصلح على حال .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكذلك الحنطة المبلولة بالحنطة المبلولة عند مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم لا يصلح .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية