الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في بيع المعادن قال : وسئل مالك عن بيع غيران المعادن ، قال : لا أرى ذلك جائزا ولا يحل لأنه إذا مات قطع الغار لغيره فلا أرى ذلك يحل بيعه .

                                                                                                                                                                                      قلت : فالمعادن لا ترثها ولاة الميت في قول مالك قال ؟

                                                                                                                                                                                      قال مالك : نعم لا يرثها ولاة الميت ولقد سئل مالك أيضا فيما بلغني عن المعادن التي ظهرت بأرض المغرب فقال : ذلك إلى الوالي يقطع بها للناس فيعملون فيها ولم يرها لأهلها . قال ابن القاسم : ومما يبين لك أيضا أنها ليست لأهلها أن المعادن قد ظهرت قديمة في أرض الإسلام في أرض العرب التي أسلموا عليها فلم يزل الولاة يقطعونها للناس ولم يكن أهلها أحق بها من غيرهم ، فكذلك ما ظهر في كل أرض أسلم عليها أهلها وهو قول مالك في معادن العرب التي ظهرت في أرضهم فقال : أرى ذلك إلى السلطان يليها ويقطع بها لمن يعمل فيها ويأخذ منها الزكاة . قال : فقلت لمالك : فتراب الذهب والورق أيباع ؟ قال : لا بأس بذلك أن يباع تراب الذهب بالورق وتراب الورق بالذهب فقيل له : إنه غرر لا يعرف ما فيه هو مختلط بالحجارة فقال قد عرفوا ناحيته وحزره فلا أرى به بأسا ، وحدثني مالك أن عمر بن عبد العزيز كتب بقطع المعادن .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وذلك رأيي ، وذلك عندي لأنه لا يجتمع إليه المعادن إلا شرار الناس .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت المعادن إذا عمل فيها الرجل فأدرك نيلا أيكون له أن يبيع ما أدرك من نيلها في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا وهو حرام لأنه يبيعه ما لا يدري ما يدوم له أيدوم له يوما أو يومين أو شهرا أو شهرين أو ما تحت ما ظهر فهذا من بيع الغرر فلا يحل .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت المعادن إذا عمل الرجل فيها فأدرك نيلا أيكون له أن يمنع جميع ما [ ص: 196 ] أدرك من نيلها في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ولا يشبه هذا الماء لأن هذا لم يجئ فيه مثل ما جاء في فضل الماء .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : يمنع من بيعها لأن للناس فيها حقا . وأخبرني ابن وهب ، عن عبد الجبار بن عمر ، عن ربيعة أنه كان لا يرى بأسا باشتراء تراب المعادن الذهب بالورق والورق بالذهب وعن يحيى بن سعيد مثله .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية