الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : فلو أن قوما شهدوا على رجل أنه قذف فلانا وفلان يكذبهم ويقول : ما قذفني ؟ قال لا يلتفت إلى شهادة الشهود عند مالك . قلت : أرأيت إن ادعى المقذوف أن القاذف قذفه وأقام على ذلك البينة عند السلطان ، ثم إن المقذوف قال للسلطان بعدما شهدت شهوده : إنهم شهدوا بزور ؟ قال : هذا قد بلغ الإمام وقد شهد الشهود عند الإمام بالحد وهو مدع للقذف ، فلما وجب الحد قال : كذبت بينتي . فلا ينظر في قوله لأن الحد قد وجب ، فهذا يريد إبطاله ألا ترى أنه [ ص: 489 ] لو عفا لم يجز عفوه ، فكذلك إكذابه البينة لا ينظر في ذلك بعدما وجب الحد عند السلطان ، ويضرب القاذف الحد وهو رأيي ، ولم أسمعه من مالك . قلت : أرأيت إن قال : لم يقذفني ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هذا وما فسرت لك سواء . قلت : أرأيت إن قال الشهود بعدما وجب الحد : ما شهدنا إلا بزور ؟ قال : يدرأ الحد عنه .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم درأته برجوع الشهود ولم تدرأه بتكذيب المدعي إياهم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن هذا الأمر كان للمدعي حتى يبلغ السلطان ، فلما بلغ السلطان وقامت البينة انقطع ما كان لهذا المقذوف فيه من حق ، وصار الحق لله فلا يجوز له ههنا قول . والبينة إن رجعت عن شهادتهما لم أقدر أن أقيم الحد ولا بينة ثابتة عن الشهادة .

                                                                                                                                                                                      قلت : تحفظ هذا عن مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هذا رأيي .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية