الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : أرأيت من طاف لعمرته وهو على غير وضوء ثم ذكر ذلك بعدما حل منها بمكة أو ببلاده ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يرجع حراما كما كان ويطوف بالبيت ، وهو كمن لم يطف ، وإن كان قد حلق بعدما طاف لعمرته على غير وضوء فعليه أن ينسك أو يصوم أو يطعم ، قلت : فإن كان قد أصاب النساء وتطيب وقتل الصيد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : عليه في الصيد ما على المحرم لعمرته التي لم يحل منها ، قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم . قلت : فإن وطئ مرة بعد مرة ، أو لبس الثياب مرة بعد مرة ، أو أصاب صيدا بعد صيد ، أو تطيب مرة بعد مرة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أما الثياب والوطء فليس عليه إلا مرة واحدة ، لكل ما لبس مرة واحدة ولكل ما وطئ مرة واحدة لأن اللبس إنما هو منه على وجه النسيان ، ولم يكن بمنزلة من ترك شيئا ثم عاد إليه لحاجة إنما كان لبسه فورا واحدا دائما وليس عليه فيه إلا كفارة واحدة ، وأما الصيد والطيب فعليه لكل ما فعل من ذلك فدية .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : قال مالك : إذا لبس المحرم الثياب يريد بذلك لبسا واحدا فليس عليه في ذلك إلا كفارة واحدة ، وإن لبس ذلك أياما إذا كان لبسا واحدا أراده .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : فإن كانت نيته حين لبس الثياب أن يلبسها إلى بريه فجعل يخلعها بالليل ويلبسها النهار حتى مضى لذلك من لباسه ثيابه عشرة أيام : ليس عليه في هذا عند مالك إلا كفارة واحدة . قال : والذي ذكرت لك من أمر المعتمر الذي طاف على غير وضوء ولبس الثياب لا يشبه هذا ، لأنه لبس الثياب يريد بذلك لبسا واحدا فليس عليه في ذلك إلا كفارة واحدة . قلت لابن القاسم : أرأيت هذا الذي جعلت عليه في قول مالك إذا لبس الثياب لبسا واحدا جعلت عليه كفارة واحدة ، أهو مثل الأذى ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، قلت : فإن لم يكن به أذى ولكن نوى أن يلبس الثياب جاهلا أو جرأة أو حمقا في إحرامه عشرة أيام ، فلبس بالنهار ثم خلع بالليل ثم لبس أيضا لما ذهب الليل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ليس عليه أيضا في قول مالك إلا كفارة واحدة لأنه على [ ص: 424 ] نيته التي نوى في لبس الثياب .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية