الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                خرج البخاري في هذا الباب حديثين:

                                الحديث الأول:

                                770 803 - نا أبو اليمان، أنا شعيب، عن الزهري: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأبو سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة كان [ ص: 92 ] يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها في رمضان وغيره، فيكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: " سمع الله لمن حمده "، ثم يقول: " ربنا ولك الحمد " قبل أن يسجد، ثم يقول: " الله أكبر " حين يهوي ساجدا، ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في الاثنتين، ويفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة، ثم يقول حين ينصرف: والذي نفسي بيده، إني لأقربكم شبها بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا.

                                771 804 - قالا: وقال أبو هريرة: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين يرفع رأسه يقول: " سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد " يدعو لرجال، فيسمهم بأسمائهم، فيقول: " اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف ". وأهل المشرق يومئذ من مضر مخالفون له.

                                التالي السابق


                                مقصوده من هذا الحديث في هذا الباب: التكبير للسجود حين يهوي ساجدا، وقد فعله أبو هريرة ، وذكر أن هذه الصلاة كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى فارق الدنيا.

                                وقد خرجه مختصرا فيما تقدم من رواية مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة وحده.

                                ومن رواية عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن وحده.

                                [ ص: 93 ] وفي هذه الرواية زيادة القنوت بعد الركوع؛ للدعاء على المشركين، والدعاء للمستضعفين من المؤمنين.

                                فأما القنوت، فيأتي الكلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

                                وأما تسمية الرجال المدعو لهم وعليهم في الصلاة ، فجائز عند أكثر العلماء، منهم: عروة والأوزاعي والشافعي وأحمد وغيرهم، وروي عن أبي الدرداء .

                                وكرهه عطاء والنخعي وأحمد - في رواية.

                                وعند الثوري وأبي حنيفة : أن ذلك كلام يبطل الصلاة.

                                واستدل لهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صرف أصحابه عن سلامهم في التشهد على جبريل وميكائيل ، وأمرهم أن يسلموا على عباد الله الصالحين عموما.

                                ولا حجة في ذلك؛ لأنه إنما قصد جوامع الكلم واختصاره.

                                وسيأتي ذلك في موضع آخر إن شاء الله سبحانه وتعالى.

                                وقوله: " وأهل المشرق من مضر مخالفون له "، يريد: قبائل من مضر ، كانوا مشركين، وكانت إقامتهم بأرض نجد وما والاها؛ لأن ذلك مشرق المدينة ، ولهذا قال له عبد القيس - عند قدوم وفدهم عليه -: بيننا وبينك هذا الحي من مضر ، ولن نصل إليك إلا في شهر حرام، وكان عبد القيس يسكنون بالبحرين .

                                وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال فيهم: " هم خير أهل المشرق ".



                                الخدمات العلمية