الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2427 1 - حدثنا عاصم بن علي قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ، ولو فرسن شاة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن فيه تحريضا على الخير إلى أحد ، ولو كان بشيء حقير ، وهو داخل في معنى الهبة من حيث اللغة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم أربعة على رواية الأصيلي ، وكريمة ، وفي رواية الأكثرين خمسة الأول : عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب أبو الحسين مولى قريبة بنت محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، مات سنة إحدى وعشرين ومائتين ، الثاني : محمد بن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئب ، واسمه هشام ، الثالث : سعيد المقبري ، الرابع : أبوه كيسان ، الخامس : أبو هريرة ، وكيسان سقط في رواية الأصيلي ، والصواب إثباته ، وقال الدارقطني : رواه عن ابن أبي ذئب يحيى القطان ، وأبو معشر ، عن سعيد ، عن أبي هريرة من غير ذكر أبيه ، وأخرجه الترمذي من طريق أبي معشر ، عن سعيد ، عن أبي هريرة لم يقل : عن أبيه ، وزاد في أوله : تهادوا ، فإن الهدية تذهب وحر الصدر ، وقال : غريب ، وأبو معشر يضعف ، وقال الطرقي : إنه أخطأ فيه حيث لم يقل : عن أبيه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه أن شيخه من أهل واسط وأنه من أفراده ، وبقية الرواة مدنيون ، وفيه أن أحدهم مذكور بنسبته إلى أحد أجداده كما ذكرنا ، والآخر مذكور بنسبته إلى مقبرة المدينة لأجل سكناه فيها ، والحديث أخرجه مسلم ، قال : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : أخبرنا الليث بن سعيد ، وحدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا ليث ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان يقول : " يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ، ولو فرسن شاة " .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) قوله : " يا نساء المسلمات " ذكر عياض في إعرابه ثلاثة أوجه أصحها وأشهرها نصب النساء ، وجر المسلمات على الإضافة ، قال الباجي : وبهذا رويناه عن جميع شيوخنا بالمشرق وهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه ، والموصوف إلى صفته ، والأعم إلى الأخص ، كمسجد الجامع ، وجانب الغربي ، وهو عند الكوفيين جائز على ظاهره ، وعند البصريين [ ص: 126 ] يقدرون فيه محذوفا ، أي مسجد المكان الجامع ، وجانب المكان الغربي ، ويقدر هنا " يا نساء الأنفس المسلمات " أو الجماعات المؤمنات ، وقيل : تقديره : يا فاضلات المسلمات ، كما يقال : هؤلاء رجال القوم ، أي ساداتهم وأفاضلهم . الوجه الثاني : رفع النساء ورفع المسلمات على معنى النداء والصفة ، أي : يا أيتها النساء المسلمات ، قال الباجي : كذا يرويه أهل بلدنا ، الوجه الثالث : رفع النساء وكسر التاء من المسلمات على أنه منصوب على الصفة على الموضع كما يقال : يا زيد العاقل برفع زيد ونصب العاقل ، قوله : " جارة " الجارة مؤنث الجار ، ويقال للزوجة : جار ، لأنها تجاور زوجها في محل واحد ، وقيل : العرب تكني عن الضرة بالجارة تطيرا من الضرر ، ومنه كان ابن عباس ينام بين جارتيه ، قوله : " لجارتها " ظاهره المرأة التي تجاور المرأة التي تسمى جارة مؤنث الجار ، وقال الكرماني : " لجارتها " متعلق بمحذوف أي لا تحقرن جارة هدية مهداة لجارتها بالغ فيه حتى ذكر أحقر الأشياء من أبغض البغيضين إذا حمل لفظ الجارة على الضرة ، وجارتها بالضمير في رواية الأكثرين ، وفي رواية أبي ذر : " لا تحقرن جارة لجارة " بلا ضمير ، قوله : " ولو فرسن شاة " يعني ولو أنها تهدي فرسن شاة ، والمراد منه المبالغة في إهداء الشيء اليسير لا حقيقة الفرسن ، لأنه لم تجر العادة في المهاداة به ، والمقصود أنها تهدي بحسب الموجود عندها ، ولا يستحقر لقلته لأن الجود بحسب الموجود ، والوجود خير من العدم ، هذا ظاهر الكلام ، ويحتمل أن يكون النهي واقعا للمهدى إليها ، وأنها لا تحتقر ما يهدى إليها ، ولو كان حقيرا ، والفرسن بكسر الفاء وسكون الراء وكسر السين المهملة ، وفي آخره نون ، قال ابن دريد : هو ظاهر الخف ، والجمع فراسن ، وفي المحكم : هي طرف خف البعير انتهى ، حكاه سيبويه في الثلاثي ، ولا يقال في جمعه فرسنات ، كما قالوا : خناصر ، ولم يقولوا : خنصرات ، وفي المخصص : هو عند سيبويه فعلن ، ولم يحك في الأسماء غيره ، وقال أبو عبيد السلامي : عظام الفرس كلها ، وفي الجامع : هو من البعير بمنزلة الظفر من الإنسان ، وفي المغيث : هو عظم قليل اللحم ، وهو للشاة والبعير بمنزلة الحافر للدابة ، وقيل : هو خف البعير ، وفي الصحاح : ربما استعير للشاة ، وقالابن السراج : النون زائدة ، وقال الأصمعي : الفرسن ما دون الرسغ من يد البعير ، وهي مؤنثة ، وفي الحديث الحض على التهادي ولو باليسير لما فيه من استجلاب المودة ، وإذهاب الشحناء ، ولما فيه من التعاون على أمر المعيشة والهدية إذا كانت يسيرة فهي أدل على المودة ، وأسقط للمؤنة وأسهل على المهدي لاطراح التكليف ، والكثير قد لا يتيسر كل وقت والمواصلة باليسير تكون كالكثير .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية