الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2429 [ ص: 128 ] 3 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت ، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : " ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت " وذلك يدل على أن القليل من الهدية جائز ، ولا يرد ، والهدية في معنى الهبة من حيث اللغة كما ذكرنا ، وابن أبي عدي هو محمد بن أبي عدي ، واسمه إبراهيم البصري ، وسليمان هو الأعمش ، وأبو حازم هو سليمان الأشجعي .

                                                                                                                                                                                  والحديث من أفراده ، وأخرجه في الأنكحة بلفظ : " لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت " ، والكراع من حد الرسغ ، وهو في البقر والغنم بمنزلة الوظيف في الفرس والبعير وهو مستدق الساق يذكر ويؤنث وادعى ابن التين أن الكراع من الدواب ما دون الكعب من غير الإنسان ، ومن الإنسان ما دون الركبة ، وعن ابن فارس : كراع كل شيء طرفه ، وقال أبو عبيد : الأكارع قوائم الشاة ، وأكارع الأرض أطرافها القاصية شبه بأكارع الشاة أي قوائمها ، وقال بعضهم : قيل : الكراع اسم مكان ، ( قلت ) : الذي قاله هو الغزالي ذكره في الإحياء بلفظ : " كراع الغميم " ، وترد ذلك رواية الترمذي من حديث أنس مرفوعا : " لو أهدي إلي كراع لقبلته " ، ثم صححه ، وادعى صاحب التنقيب على التهذيب أن سبب هذا الحديث أن أم حكيم الخزاعية قالت : يا رسول الله ، أتكره الهدية ؟ فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : " ما أقبح رد الهدية ، لو دعيت إلى كراع لأجبت ، ولو أهدي إلي ذراع لقبلت " ، ( قلت ) : الحديث رواه الطبراني رحمه الله ، وقال ابن بطال : أشار النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالكراع والفرسن إلى الحض على قبول الهدية ، ولو قلت : لئلا يمتنع الباعث من المهاداة لاحتقار المهدى إليه انتهى ، والذراع أفضل من الكراع ، وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يحب أكله ، ولهذا سم فيه ، وإنما كان يحبه لأنه مبادي الشاة ، وأبعد من الأذى .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية