الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2488 7 - حدثنا مسدد قال : حدثنا عيسى بن يونس قال : حدثنا الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن أبي كبشة السلولي قال : سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز ، ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة . قال حسان : فعددنا ما دون منيحة العنز من رد السلام وتشميت العاطس وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله " أعلاهن منيحة العنز " .

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله : وهم ستة ; الأول : مسدد بن مسرهد ، وقد تكرر ذكره . الثاني : عيسى بن يونس بن أبي إسحاق الهمداني . الثالث : عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي . الرابع : حسان بن عطية الشامي أبي بكر . الخامس : أبو كبشة - بفتح الكاف وسكون الباء الموحدة وبالشين المعجمة - اسمه كنيته ، والسلولي بفتح السين المهملة وضم اللام الأولى نسبة إلى سلول قبيلة من هوازن . السادس : عبد الله بن عمرو بن العاص .

                                                                                                                                                                                  ذكر لطائف إسناده : فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه السماع ، وفيه أن شيخه بصري وعيسى كوفي والأوزاعي وحسان شاميان ، وحسان إما من الحسن فالنون أصلية وإما من الحس فالنون زائدة ، وليس لحسان هذا ولا لأبي كبشة في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وقد ذكرنا أن أبا كبشة اسمه وكنيته سواء ، وزعم الحاكم أن اسمه البراء بن قيس ورد عليه عبد الغني بن سعيد وبين أنه غيره .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه أبو داود في الزكاة عن إبراهيم بن موسى ومسدد ، كلاهما عن عيسى بن يونس إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه : قوله ( عن حسان بن عطية ) ، وفي رواية أحمد " عن الوليد ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني حسان بن عطية " .

                                                                                                                                                                                  قوله ( عن أبي كبشة ) ، وفي رواية أحمد " حدثني أبو كبشة " .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وفي رواية أحمد " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أربعون خصلة ) مبتدأ ، وقوله ( أعلاهن ) مبتدأ ثان ، وقوله ( منيحة العنز ) خبره ، والجملة خبر المبتدأ الأول ، والعنز هي الأنثى من المعز ، وكذلك العنز من الظباء والأوعال .

                                                                                                                                                                                  قوله ( منها ) ; أي من الأربعين .

                                                                                                                                                                                  قوله ( رجاء ) نصب على التعليل ، وكذلك قوله ( تصديق موعودها ) .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : من المعلوم قطعا أنه - صلى الله عليه وسلم - كان عالما بها أجمع لأنه لا ينطق عن الهوى ، فلم لم يذكرها ؟ قلت : لمعنى وهو أنفع لنا من ذكرها ، وذلك - والله أعلم - خشية أن يكون التعيين لها زهدا عن غيرها من أبواب البر .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال حسان ... ) إلى آخره ، قال ابن بطال : وليس قول حسان مانعا أن يستطيعها غيره . قال : وقد بلغني عن بعض أهل عصرنا أنه طلبها فوجد ما يبلغ أزيد من أربعين خصلة ، فمنها أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عمل يدخل الجنة فذكر له أشياء ، ثم قال : والمنيحة والفيء على ذي الرحم القاطع ، فإن لم تطق فأطعم الجائع واسق الظمآن ، هذه ثلاث خصال أعلاهن المنيحة ، وليس الفيء منها لأنه أفضل من المنيحة ، والسلام . وفي الحديث : من قال " السلام عليك " كتب له عشر حسنات ، ومن زاد " ورحمة الله " كتب له عشرون ، ومن زاد " وبركاته " كتب له ثلاثون ، وتشميت العاطس ... الحديث ، وهو ثلاث تثبت لك الود في صدر أخيك إحداها تشميت العاطس وإماطة الأذى عن الطريق وإعانة الضائع والصنعة للأخرق وإعطاء صلة الرحم الحبل وإعطاء شسع النعل وأن يؤنس الوحشان أي تلقاه بما يؤنسه من القول الجميل أو يبلغ من أرض الفلاة إلى مكان الأنس وكشف الكربة ، قال صلى الله عليه وسلم : من كشف كربة عن أخيه كشف الله عنه كربة يوم القيامة . وكون المرء في حاجة أخيه وستر المسلم للحديث ، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم [ ص: 188 ] القيامة ، والتفسح في المجالس ، وإدخال السرور على المسلم ، ونصر المظلوم والأخذ على يد الظالم ، قال : انصر أخاك ظالما أو مظلوما . والدلالة على الخير ، قال : الدال على الخير كفاعله . والآمر بالمعروف ، والإصلاح بين الناس ، والقول الطيب يرد به المسكين ، قال تعالى : قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى وفي الحديث : اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فإن لم تجد فبكلمة طيبة . وأن تفرغ من دلوك في إناء المستقي وغرس المسلم وزرعه ، قال صلى الله عليه وسلم : ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة . والهدية إلى الجار ، قال صلى الله تعالى عليه وسلم : لا تحقرن إحداكن لجارتها ولو فرسن شاة . والشفاعة للمسلم ورحمة عزيز ذل وغني افتقر وعالم بين جهال ; ارحموا ثلاثة : غني قوم افتقر ، وعزيز قوم ذل ، وعالما يلعب به الجهال . وعيادة المريض ، للحديث : عائد المريض على مخارف الجنة . والرد على من يغتاب ، قال : من حمى مؤمنا من منافق يغتابه بعث الله إليه ملكا يوم القيامة يحمي لحمه من النار . ومصافحة المسلم ، قال : لا يصافح مسلم مسلما فتزول يده عن يده حتى يغفر لهما . والتحاب في الله والتجالس إلى الله والتزاور في الله والتباذل في الله ، قال الله تعالى : وجبت محبتي لأصحاب هذه الأعمال الصالحة . وعون الرجل في دابته يحمل عليها متاعه صدقة ، روي ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، انتهى . وقال الكرماني : أقول هذا الكلام رجم بالغيب لاحتمال أن يكون المراد غير المذكورات من سائر أعمال الخير ، ثم إنه من أين علم أن هذه أدنى من المنيحة لجواز أن يكون مثلها أو أعلى منها ، ثم فيه تحكم حيث جعل السلام منه ولم يجعل رد السلام منه مع أنه صرح في هذا الحديث الذي نحن فيه به ، وكذا جعل الأمر بالمعروف منه بخلاف النهي عن المنكر ، وفيه أيضا تكرار لدخول الأخير وهو الأربعون تحت بعض ما تقدم ، فتأمل .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية