الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2514 23 - حدثنا زياد بن يحيى قال : حدثنا حاتم بن وردان قال : حدثنا أيوب ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما قال : قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أقبية ، فقال لي أبي مخرمة : انطلق بنا إليه عسى أن يعطينا منها شيئا ، فقام أبي على الباب فتكلم ، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه قباء وهو يريه محاسنه ، وهو يقول : خبأت هذا لك خبأت هذا لك .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمد على صوت مخرمة قبل أن يرى شخصه ، وزياد بكسر الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف ابن يحيى بن زياد أبو الخطاب البصري ، مات سنة أربع وخمسين ومائتين ، وحاتم بن وردان على وزن فعلان من الورود أبو صالح البصري ، مات سنة أربع وثمانين ومائة .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في كتاب الهبة في باب : كيف يقبض العبد والمتاع ، ومقصود البخاري من هذه الترجمة ، ومن الأحاديث التي أوردها فيها بيان جواز شهادة الأعمى ، وقال الإسماعيلي : ليس في جميع ما ذكره دلالة على قبول شهادة الأعمى فيما يحتاج إلى إثبات الأعيان ، أما نكاح الأعمى فإنه في نفسه لأنه في زوجته وأمته لا لغيره فيه .

                                                                                                                                                                                  وأما ما رواه في التأذين فقد أخبر أنه كان لا يؤذن حتى يقال له : أصبحت ، وكفى بخبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهدا له فإنه لا يؤذن حتى يصبح ، والاعتماد على الجمع الذي يخبرونه بالوقت .

                                                                                                                                                                                  وأما ما قاله عن الزهري في ابن عباس فهو تأويل لا احتجاج .

                                                                                                                                                                                  وأما ما ذكر من سماع النبي صلى الله عليه وسلم قراءة رجل بيان أن كل صائت وإن لم ير مصوته يعرف بصوته .

                                                                                                                                                                                  وأما ما ذكره من قصة مخرمة فإنما يريه محاسن الثوب مسا لا إبصارا له بالعين .

                                                                                                                                                                                  قال صاحب ( التلويح ) : وفيه نظر من حيث إن الجماعة الذين ذكرهم البخاري أجازوا شهادة الأعمى فهو دليل البخاري . انتهى .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن حزم : شهادة الأعمى مقبولة كالصحيح ، روي ذلك عن ابن عباس وصح عن الزهري وعطاء والقاسم والشعبي وشريح وابن سيرين والحكم بن عتيبة وربيعة ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج وأحد قولي الحسن وأحد قولي إياس بن معاوية وأحد قولي ابن أبي ليلى ، وهو قول مالك والليث وأحمد وإسحاق وأبي سليمان وأصحابنا .

                                                                                                                                                                                  وقالت طائفة : تجوز شهادته فيما عرف قبل العمى ، ولا تجوز فيما عرف بعد العمى ، وهو أحد قولي الحسن وأحد قولي ابن أبي ليلى ، وهو قول أبي يوسف والشافعي وأصحابه .

                                                                                                                                                                                  وقالت طائفة : تجوز في الشيء اليسير ، روي ذلك عن النخعي .

                                                                                                                                                                                  وقالت طائفة : لا تقبل في شيء أصلا إلا في الأنساب ، وهو قول زفر ، وعند أبي حنيفة لا تقبل في شيء أصلا .

                                                                                                                                                                                  ، وفي ( التوضيح ) فحصلنا فيه على ستة مذاهب : المنع المطلق ، [ ص: 222 ] والجواز المطلق ، والجواز فيما طريقه الصوت دون البصر ، والفرق بين ما علمه قبل وبين ما عمله بعد ، والجواز اليسير ، والجواز في الأنساب خاصة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية