الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2783 152 - حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ، قال : حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه ، فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى ، فقال : أين علي ؟ فقيل : يشتكي عينيه ، فأمر فدعي له فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتى كأنه لم يكن به شيء ، فقال : نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ، فقال : على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم ، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : ( ثم ادعهم إلى الإسلام ) وعبد العزيز يروي عن أبيه أبي حازم سلمة بن دينار .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضل علي رضي الله تعالى عنه عن قتيبة ، وأخرجه مسلم أيضا عن قتيبة في الفضائل .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( يوم خيبر ) ويوم خيبر كان في أول سنة سبع ، وقال موسى بن عقبة : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية مكث بالمدينة عشرين يوما أو قريبا من ذلك ثم خرج إلى خيبر وهي التي وعدها الله تعالى إياه ، وحكى موسى عن الزهري أن افتتاح خيبر في سنة ست ، والصحيح أن ذلك في أول سنة سبع . قوله : ( لأعطين الراية ) أي العلم ، وقال ابن إسحاق : عن عمرو بن الأكوع قال : بعث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أبا بكر رضي الله تعالى عنه إلى بعض حصون خيبر فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهدهم ، ثم بعث الغد عمر رضي الله تعالى عنه فقاتل عمر ثم رجع ولم يكن فتح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله يفتح الله على يديه ليس بفرار " قال سلمة : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وهو يومئذ أرمد فتفل في عينيه ثم قال : خذ هذه الراية وامض بها حتى يفتح الله عليك بها ، فخرج وهو يهرول هرولة وإنا لخلفه [ ص: 214 ] نتبع أثره حتى ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال : من أنت ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب ، قال يقول اليهودي : علوتم وما أنزل على موسى ، أو كما قال ، فما رجع حتى فتح الله على يديه ، وقال ابن إسحاق : كان أول حصون خيبر فتحا حصن ناعم وعنده قتل محمود بن سلمة ألقيت عليه رحى منه فقتلته . قوله : ( فقاموا يرجون لذلك ) أي قام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين معه حال كونهم راجين لإعطاء الراية له حتى يفتح الله على يديه ، قوله : ( أيهم يعطى ) على صيغة المجهول ، قوله : ( فغدوا وكلهم يرجو ) أي كل واحد منهم يرجو أن يعطى ، وكلمة أن مصدرية ، أي يرجو إعطاء الراية له ، قوله : ( فقال ) أي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أين علي بن أبي طالب ؟ فقيل : يشتكي عينيه ، من اشتكى عضوا من أعضائه فاشتكى عينيه من الرمد ، قوله : ( فأمر ) أي النبي صلى الله عليه وسلم بإحضار علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قوله : ( فدعي ) على صيغة المجهول أي دعي علي رضي الله عنه له ، أي للنبي صلى الله عليه وسلم ، قوله : ( فبصق ) بالصاد والسين والزاي ، قوله : ( فقال نقاتلهم ) القائل علي رضي الله عنه ، قوله : ( حتى يكونوا مثلنا ) أي حتى يكونوا مسلمين مثلنا ، قوله : ( فقال على رسلك ) أي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي : " على رسلك " بكسر الراء ، يقال : افعل هذا على رسلك ، أي اتئد فيه وكن فيه على الهينة ، وقال ابن التين : ضبط بكسر الراء وفتحها . قوله : ( لأن يهدى بك ) على صيغة المجهول ، قوله : ( خير لك من حمر النعم ) حمر النعم بضم الحاء أعزها وأحسنها يريد خير لك من أن تكون فتتصدق بها ، ولكون الحمرة أشرف الألوان عندهم قال حمر النعم ، والنعم بفتحتين إذا أطلق يراد به الإبل وحدها وإن كان غيرها من الإبل والبقر والغنم دخل في الاسم معها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية