الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3599 298 - حدثني محمد بن بشار، حدثنا يحيى، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه: جمع القرآن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعة، كلهم من الأنصار: أبي، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وزيد بن ثابت، قلت لأنس: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة لأن جمع زيد بن ثابت القرآن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- منقبة عظيمة، ويحيى هو ابن سعيد القطان.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى، وعن يحيى بن حبيب، وأخرجه الترمذي في المناقب عن بندار عن يحيى، وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن يحيى، وفي فضائل القرآن عن إسحاق بن إبراهيم، وعن بندار عن يحيى.

                                                                                                                                                                                  قوله: " جمع القرآن " أي استظهره حفظا. قوله: " وأبو زيد " قال ابن المديني: اسمه أوس، وعن يحيى بن معين: هو ثابت بن زيد بن مالك الأشهلي، وقيل: هو سعد بن عبيد بن النعمان، وبذلك جزم الطبراني عن شيخه أبي بكر بن صدقة قال: هو الذي كان يقال له القارئ، وكان على القادسية، واستشهد بها سنة خمس عشرة، وهو والد عمير بن سعد، وعن الواقدي: هو قيس بن السكن بن [ ص: 273 ] قيس بن زعور بن حرام الأنصاري، ويرجحه قول أنس: " أحد عمومتي "؛ فإنه من قبيلة بني حرام، وأنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بالمعجمة ابن زيد بن حرام. قوله: " عمومتي " أي: أعمامي، وفي (الاستيعاب): افتخر الحيان، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة حنظلة، والذي حمته الدبر عاصم، والذي اهتز لموته العرش سعد، ومن شهادته بشهادة رجلين خزيمة. وقال الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - معاذ، وأبي، وزيد، وأبو زيد. (فإن قيل) غيرهم أيضا جمعوا مثل الخلفاء الأربعة (وأجيب) بأن مفهوم العدد لا ينفي الزائد، وقيل: جمعوه حفظا عن ظهر القلب، (فإن قيل) كيف جمعوه كله وقد نزل بعض القرآن بقرب وفاة النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم -؟ (وأجيب) بأنهم حفظوا ذلك البعض أيضا قبل الوفاة (فإن قلت): هذا يعارض حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي تقدم: استقرئوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي، ومعاذ، وأسقط في حديث الباب ابن مسعود وسالم، وزاد زيد بن ثابت: وأبا زيد، (قلت): لا معارضة لأنه لا يلزم من الأمر بأخذ القراءة عنهم أن يكون كلهم استظهر جميع القرآن، وقيل: لا يؤخذ بمفهوم حديث أنس لأنه لا يلزم من قوله " جمعه أربعة " أن لا يكون جمعه غيرهم، فلعله أراد أنه لم يقع جمعه لأربعة من قبيلة واحدة إلا لهذه القبيلة وهي الأنصار.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية