الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3623 319 - حدثني فروة بن أبي المغراء، أخبرنا علي بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب، وكان لها حفش في المسجد، قالت: فكانت تأتينا فتحدث عندنا، فإذا فرغت من حديثها قالت:


                                                                                                                                                                                  ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني

                                                                                                                                                                                  فلما أكثرت قالت لها عائشة: وما يوم الوشاح؟ قالت: خرجت جويرية لبعض أهلي وعليها وشاح من أدم فسقط منها، فانحطت عليه الحديا وهي تحسبه لحما، فأخذت فاتهموني به فعذبوني حتى بلغ من أمري أنهم طلبوا في قبلي، فبينما هم حولي وأنا في كربي إذ أقبلت الحديا حتى وازت برءوسنا، ثم ألقته فأخذوه، فقلت لهم: هذا الذي اتهمتموني به وأنا منه بريئة.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث ما كان عليه أهل الجاهلية من الجفاء في الفعل والقول، ألا ترى أن الذين اتهموا هذه المرأة السوداء كيف جفوها وعذبوها وبالغوا فيه حتى فتشوا في قبلها. قوله: " وفروة " بفتح الفاء وسكون الراء ابن أبي المغراء بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وبالراء وبالمد أبو القاسم الكندي الكوفي من أفراد البخاري.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في أبواب المساجد في باب نوم المرأة في المسجد، فإنه أخرجه هناك عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة عن هشام إلخ بأتم منه، ومضى الكلام فيه هناك.

                                                                                                                                                                                  قوله: " حفش " [ ص: 292 ] بكسر الحاء المهملة وسكون الفاء وفي آخره شين معجمة وهو البيت الضيق الصغير. قوله: " والوشاح " بكسر الواو، ويقال له إشاح أيضا، وهو شيء ينسج عريضا من أديم، وربما رصع بالجوهر والخرز، وتشده المرأة بين عاتقها وكشحها. قوله: " من تعاجيب ربنا " ويروى: " من تباريح ربنا "، والتعاجيب: العجائب لا واحد لها من لفظها، والتباريح جمع تبريح وهو المشقة والشدة. قوله: " ألا أنه " ويروى: " على أنه ". قوله: " من بلدة الكفر " ويروى من دارة الكفر. قوله: " الحديا " مصغر الحدأة على وزن العنبة. قوله: " وازت " أي: حاذت.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية