الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5154 (وقال أصبغ: أخبرني ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، حدثنا سلمان بن عامر الضبي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى)

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر مرفوع ولكنه معلق، أخرجه عن أصبغ بن الفرج المصري أحد مشايخ البخاري عن عبد الله بن [ ص: 87 ] وهب المصري، وأحد مشايخ الطحاوي عن جرير بن حازم بالحاء المهملة والزاي، عن أيوب السختياني -منسوب إلى عمل السختيان أو بيعه وهو فارسي معرب وهي جلود- عن محمد بن سيرين إلى آخره، ووصله الطحاوي عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب به، واعترض عليه الإسماعيلي أيضا فقال: ذكر هذا الحديث بلا خبر، وقد قال أحمد : حديث جرير بمصر كان على التوهم أو كما قال، وقال الساجي: حدث بالوهم بمصر ولم يكن يحفظ، وأجيب بأنه قد وافقه غيره عن أيوب، وفي الجملة هذه الطرق الخمسة يقوي بعضها بعضا، والحديث في الأصل مرفوع فلا يضره الوقف.

                                                                                                                                                                                  قوله: "مع الغلام عقيقة" تمسك بظاهر لفظه الحسن وقتادة وقال: يعق عن الغلام ولا يعق عن الجارية، وعند الجمهور: يعق عنهما لورود الأحاديث الكثيرة بذكر الجارية أيضا على ما يجيء الآن.

                                                                                                                                                                                  قوله: فأهريقوا "يقال: هراق الماء يهريقه هراقة أي صبه، وأصله أراق يريق إراقة، وفيه لغة أخرى: أهرق الماء يهرقه إهراقا على أفعل يفعل إفعالا، ولغة ثالثة: أهرق يهريق إهرياقا، واعلم أنه أبهم فيه ما يهراق، وكذا في حديث سمرة الآتي، وبين ذلك في عدة أحاديث:

                                                                                                                                                                                  منها: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أخرجه الترمذي مصححا من رواية يوسف بن ماهك أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أمرهم عن الغلام شاتان مكافيتان وعن الجارية شاة وأخرجت الأربعة من حديث أم كرز أنها سألت النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - عن العقيقة فقال: " عن الغلام شاتان وعن الجارية واحدة، ولا يضركم ذكرانا كن أم إناثا " قال الترمذي : صحيح، وأخرج أبو داود والنسائي من رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه في أثناء حديث قال: "من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافيتان وعن الجارية شاة" وقال داود بن قيس رواية عن عمرو: سألت زيد بن أسلم عن قوله: "مكافأتان" فقال: متشابهتان تذبحان جميعا; أي لا يؤخر ذبح إحداهما عن الأخرى، وحكى أبو داود عن أحمد المتكافيان المتقاربان، قال الخطابي: أي في السن، وقال الزمخشري: معادلتان لما تجزئ في الزكاة وفي الأضحية، ووقع في رواية الطبراني في حديث آخر: قيل: ما المتكافيتان؟ قال: المثلان.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وأميطوا" أي أزيلوا، وقد مر في أول الباب.

                                                                                                                                                                                  قوله: "الأذى" قيل: هو إما الشعر أو الدم أو الختان، وقال الخطابي: قال محمد بن سيرين: لما سمعنا هذا الحديث طلبنا من يعرف معنى إماطة الأذى فلم نجد، وقيل: المراد بالأذى هو شعره الذي علق به دم الرحم فيماط عنه بالحلق، وقيل: إنهم كانوا يلطمون رأس الصبي بدم العقيقة وهو أذى فنهي عن ذلك، وقد جزم الأصمعي بأنه حلق الرأس، وأخرجه أبو داود عن الحسن كذلك، والأوجه أن يحمل الأذى على المعنى الأعم، ويؤيد ذلك أن في بعض طرق حديث عمرو بن شعيب: ويماط عنه أقذاره، رواه أبو الشيخ.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية