الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5568 123 - حدثني عمرو بن علي، حدثنا معاذ بن هانئ، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس بن مالك [ ص: 54 ] - أو عن رجل - عن أبي هريرة قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ضخم القدمين، حسن الوجه، لم أر بعده مثله.

                                                                                                                                                                                  وقال هشام عن معمر، عن قتادة، عن أنس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - شثن القدمين والكفين.

                                                                                                                                                                                  وقال أبو هلال: حدثنا قتادة، عن أنس - أو جابر بن عبد الله - كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ضخم الكفين والقدمين، لم أر بعده شبها له.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر فيه بالتردد بين أنس وأبي هريرة، أخرجه عن معاذ - بضم الميم وبإهمال العين وإعجام الذال - ابن هانئ - بكسر النون وبالهمزة - اليشكري، مات سنة تسع ومائتين، عن همام بن يحيى، عن قتادة عن أنس.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أو عن رجل" قال الكرماني " صار بهذا الترديد رواية عن المجهول، ثم قال: فإن قلت: لفظ أبي هريرة متعلق برجل فقط، أو بأنس أيضا؟ قلت: الظاهر أنه بالرجل وحده؛ إذ أنس كان خادما للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ملازما له، وهو أعرف بصفاته من غيره، فيبعد أنه يروي صفته عن رجل صحابي هو أقل ملازمة منه. انتهى.

                                                                                                                                                                                  وجزم أبو مسعود والحميدي أن التردد فيه عن معاذ بن هانئ، هل حدثه به همام، عن قتادة، عن أنس، أو عن قتادة عن رجل، عن أبي هريرة؟ قلت: على كل حال الحديث فيه شيئان؛

                                                                                                                                                                                  الأول: التردد في السند.

                                                                                                                                                                                  والثاني: الرواية عن المجهول.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وقال هشام عن معمر"؛ أي: قال هشام بن يوسف، عن معمر بن راشد، عن قتادة.. إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  وهذا التعليق وصله الإسماعيلي من طريق علي بن بحر عن هشام بن يوسف به سواء.

                                                                                                                                                                                  قوله: " شثن الكفين" بفتح الشين المعجمة وسكون الثاء المثلثة وبالنون، أي: غليظ الكفين، أي: واسعهما، وقيل: غليظ الأصابع والراحة، وقال ابن بطال: كان كفه صلى الله تعالى عليه وسلم ممتلئة لحما غير أنها مع ضخامتها كانت لينة، كما في حديث: " ما مسست حريرا ألين من كفه صلى الله تعالى عليه وسلم" وفسر الأصمعي الشثن بغليظ الكف مع خشونتها، ولم يوافقه على هذا أحد، وقال عياض: فسر أبو عبيد الشثن بالغلظ مع القصر، ورد عليه بما ثبت في وصفه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان سابل الأطراف.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وقال أبو هلال" هو محمد بن مسلم، بضم السين، الراسبي، بالراء والسين المهملتين وبالباء الموحدة، وهذا التعليق وصله البيهقي من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي: حدثنا أبو هلال به. فإن قلت: محمد بن سليم ضعيف من قبل حفظه، وفي رواية قتادة عن أنس، أو عن رجل ترديد، وفيه روايات واردة في وصف الكفين والقدمين، ولا تعلق لها بالترجمة، قلت: قد بينت إحدى روايات جرير بن حازم صحة الحديث بتصريح قتادة بسماعه له من أنس، والبخاري أراد بسياق هذه الطرق بيان الاختلاف فيه على قتادة، وأنه لا تأثير له، ولا يقدح في صحة الحديث، وأبو هلال بصري صدوق، ولذكر الروايات المتعلقة في صفة الكفين والقدمين تعلق; لأن كلها حديث واحد، غاية ما في الباب اختلفت رواته بالزيادة والنقص، والمراد بالأصالة صفة الشعر، وما عدا ذلك فهو تبع، والتبع في حكم المتبوع.

                                                                                                                                                                                  قوله: "شبها له" بكسر الشين المعجمة وسكون الباء الموحدة؛ أي: مثلا له.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية