الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5713 88 - حدثنا محمد بن صباح، حدثنا إسماعيل بن زكرياء، حدثنا بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يثني على رجل ويطريه في المدحة؛ فقال: أهلكتم، أو قطعتم، ظهر الرجل.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث؛ وهو أن يفرط في مدح الرجل بما ليس فيه، فيدخله من ذلك الإعجاب، ويظن أنه في الحقيقة بتلك المنزلة؛ فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قطعتم ظهر الرجل" حين وصفتموه بما ليس فيه، فربما حمله ذلك على العجب والكبر، وعلى تضييع العمل وترك الازدياد والفضل، ومن ذلك تأول العلماء في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " احثوا التراب في وجوه المداحين" أن المراد بهم المداحون الناس في وجوههم بالباطل، وبما ليس فيهم، ولم يرد بهم من مدح رجلا بما فيه؛ فقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأشعار والخطب والمخاطبة، ولم يحث في وجوه المداحين التراب ولا أمر بذلك، وقد قال أبو طالب فيه:


                                                                                                                                                                                  وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل



                                                                                                                                                                                  ومدحه حسان في كثير من شعره، وكعب بن زهير، وغير ذلك.

                                                                                                                                                                                  ومحمد بن صباح بتشديد الباء الموحدة، ويقال فيه: الصباح، بالألف واللام، البغدادي، فالأول رواية أبي ذر، والثاني لغيره. وإسماعيل بن زكرياء، مقصور أو ممدود، الأسدي. وبريدة، بضم الباء الموحدة وفتح الراء، ابن عبد الله بن أبي بردة، بضم الموحدة، وأبو بردة اسمه عامر، وقيل: الحارث، يروي عن أبيه أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري. وبريد بن عبد الله يروي عن جده أبي بردة، عن أبي موسى.

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مر في [ ص: 133 ] الشهادات، باب: ما يكره من الإطناب في المدح.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ويطريه" من الإطراء، وهو مجاوزة الحد. قوله: " أو قطعتم" شك من الراوي؛ وقطع الظهر مجاز عن الإهلاك، يعني أوقعتموه في الإعجاب بنفسه الموجب لهلاك دينه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية